صفحة جزء
آ . (20) قوله : لولا نزلت : هذه بمعنى : هلا ، ولا التفات إلى قول بعضهم : إن " لا " زائدة والأصل : لو نزلت . والعامة على رفع " سورة محكمة " لقيامها مقام الفاعل . وزيد بن علي بالنصب فيهما على الحال [ ص: 698 ] والقائم مقام الفاعل ضمير السورة المتقدمة ، وسوغ وقوع الحال كذا وصفها كقولك : الرجل جاءني رجلا صالحا . وقرئ : " فإذا نزلت سورة " . وقرأ زيد بن علي وابن عمير " وذكر " مبنيا للفاعل أي : الله تعالى . " القتال " نصبا .

قوله : " نظر المغشي " الأصل : نظرا مثل نظر المغشي .

قوله : فأولى لهم طاعة اختلف اللغويون والمعربون في هذه اللفظة ، فقال الأصمعي : إنها فعل ماض بمعنى : قارب ما يهلكه وأنشد :


4062 - فعادى بين هاديتين منها وأولى أن يزيد على الثلاث



أي : قارب أن يزيد . قال ثعلب : " لم يقل أحد في " أولى " أحسن من قول الأصمعي " ، ولكن الأكثرون على أنه اسم . ثم اختلف هؤلاء فقيل : هو مشتق من الولي وهو القرب كقوله :


4063 - يكلفني ليلى وقد شط وليها     وعادت عواد بيننا وخطوب



وقيل : هو مشتق من الويل . والأصل : فيه أويل فقلبت العين إلى ما بعد اللام فصار وزنه أفلع . وإلى هذا نحا الجرجاني . والأصل عدم القلب . وأما معناها فقيل : هي تهديد ووعيد كقوله : [ ص: 699 ]

4064 - فأولى ثم أولى ثم أولى     وهل للدر يحلب من مرد



وقال المبرد : يقال لمن هم بالغضب : أولى لك ، كقول أعرابي كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه فيقول : أولى لك ، ثم رمى صيدا فقاربه فأفلت منه ، فقال :


4065 - فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم     ولكن أولى يترك القوم جوعا



هذا ما يتعلق باشتقاقه ومعناه . أما الإعراب : فإن قلنا بقول الجمهور ففيه أوجه ، أحدها : أن " أولى " مبتدأ ، و " لهم " خبره ، تقديره : فالهلاك لهم . وسوغ الابتداء بالنكرة كونه دعاء نحو : ويل لكل همزة . الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره العقاب أو الهلاك أولى لهم ، أي : أقرب وأدنى . ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء أي : أولى وأحق بهم . الثالث : أنه مبتدأ ، و " لهم " متعلق به ، واللام بمعنى الباء . و " طاعة " خبره ، والتقدير : أولى بهم طاعة دون غيرها . وإن قلنا بقول الأصمعي فيكون فعلا ماضيا وفاعله مضمر ، يدل عليه السياق كأنه قيل : فأولى هو أي : الهلاك ، وهذا ظاهر عبارة الزمخشري حيث قال : " ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه " . وقال ابن عطية : " المشهور من استعمال العرب أنك تقول : هذا أولى بك من هذا أي : أحق . وقد تستعمل العرب " أولى " فقط على جهة الحذف والاختصار لما معها من القول فتقول : [ ص: 700 ] أولى لك يا فلان على جهة الزجر والوعيد " انتهى .

وقال أبو البقاء : " أولى مؤنثة أولات " وفيه نظر لأن ذلك إنما يكون في التذكير والتأنيث الحقيقيين ، أما التأنيث اللفظي فلا يقال فيه ذلك . وسيأتي له مزيد بيان في سورة القيامة إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية