صفحة جزء
[ ص: 311 ] آ . (93) قوله تعالى : حلا : الحل : بمعنى الحلال وهو في الأصل مصدر لحل يحل كقولك : عز يعز عزا ، ثم يطلق على الأشخاص مبالغة ، ولذلك يستوي فيه الواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث كقوله تعالى : لا هن حل لهم ، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها : "كنت أطيبه صلى الله عليه وسلم لحله ولحرمه " أي : لإحلاله ولإحرامه ، وهو كالحرم واللبس بمعنى الحرام واللباس ، قال تعالى : "وحرم " وقرئ "وحرام " . و "لبني " متعلق بحل .

قوله : إلا ما حرم مستثنى من اسم كان . وجوز أبو البقاء أن يكون مستثنى من ضمير مستتر في "حلا " فقال : "لأنه استثناء من اسم كان ، والعامل فيه " كان " ، ويجوز أن يعمل فيه " حلا "ويكون فيه ضمير يكون الاستثناء منه ؛ لأن حلا وحلالا في موضع اسم الفاعل بمعنى الجائز والمباح " .

وفي هذا الاستثناء قولان ، أحدهما : أنه متصل ، والتقدير : إلا ما حرم إسرائيل على نفسه ، فحرم عليهم في التوراة ، فليس فيها ما زادوه من محرمات وادعوا صحة ذلك . والثاني : أنه منقطع ، والتقدير : لكن حرم إسرائيل على نفسه خاصة ولم يحرمه عليهم ، والأول هو الصحيح .

قوله : من قبل أن تنزل فيه وجهان ، أحدهما : أن يتعلق بحرم أي : إلا ما حرم من قبل ، قاله أبو البقاء . قال الشيخ : "ويبعد ذلك ، إذ هو من [ ص: 312 ] الإخبار بالواضح ، لأنه معلوم أن ما حرم إسرائيل على نفسه هو من قبل إنزال التوراة ضرورة لتباعد ما بين وجود إسرائيل وإنزال التوراة " . والثاني : أنها تتعلق بقوله : كان حلا "قال الشيخ : " ويظهر أنه متعلق بقوله كان حلا لبني إسرائيل أي : من قبل أن تنزل التوراة ، وفصل بالاستثناء إذ هو فصل جائز ، وذلك على مذهب الكسائي وأبي الحسن في جواز أن يعمل ما قبل إلا فيما بعدها إذا كان ظرفا أو مجرورا أو حالا نحو : "ما حبس إلا زيد عندك ، وما أوى إلا عمرو إليك ، وما جاء إلا زيد ضاحكا " وأجاز الكسائي ذلك في المنصوب مطلقا نحو : ما ضرب إلا زيد عمرا ، وأجاز هو وابن الأنباري ذلك في المرفوع نحو : ما ضرب إلا زيدا عمرو ، وأما تخريجه على غير مذهب الكسائي وأبي الحسن فيقدر له عامل من جنس ما قبله ، وتقديره هنا : حل من قبل أن تنزل التوراة " .

التالي السابق


الخدمات العلمية