صفحة جزء
[ ص: 81 ] سورة والنجم

بسم الله الرحمن الرحيم

آ. (1) قوله: إذا هوى : في العامل في هذا الظرف أوجه، وعلى كل فيها إشكال. أحد الأوجه: أنه منصوب بفعل القسم المحذوف تقديره: أقسم بالنجم وقت هويه، قاله أبو البقاء وغيره. وهو مشكل فإن فعل القسم إنشاء، والإنشاء حال، و"إذا" لما يستقبل من الزمان فكيف يتلاقيان؟ الثاني: أن العامل فيه مقدر على أنه حال من النجم أي: أقسم به حال كونه مستقرا في زمان هويه. وهو مشكل من وجهين، أحدهما: أن النجم جثة، والزمان لا يكون حالا عنها كما لا يكون خبرا عنها. والثاني: أن "إذا" للمستقبل فكيف يكون حالا؟ وقد أجيب عن الأول: بأن المراد بالنجم القطعة من القرآن، والقرآن قد نزل منجما في عشرين سنة. وهذا تفسير ابن عباس وغيره. وعن الثاني: بأنها حال مقدرة. الثالث: أن العامل فيه نفس النجم إذا أريد به القرآن، قاله أبو البقاء . وفيه نظر; لأن القرآن لا يعمل في الظرف إذا أريد به أنه اسم لهذا الكتاب المخصوص. وقد يقال: إن النجم بمعنى المنجم كأنه قيل: والقرآن المنجم في هذا الوقت. وهذا البحث وارد في مواضع منها [ ص: 82 ] والشمس وضحاها وما بعده، وقوله: والليل إذا يغشى ، والضحى والليل إذا سجى . وسيأتي في الشمس بحث أخص من هذا تقف عليه إن شاء الله تعالى. وقيل: المراد بالنجم هنا الجنس وأنشد:


4121 - فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها



أي: تعد النجوم، وقيل: بل المراد نجم معين. فقيل: الثريا. وقيل: الشعرى لذكرها في قوله: وأنه هو رب الشعرى . وقيل: الزهرة لأنها كانت تعبد. والصحيح أنها الثريا، لأن هذا صار علما بالغلبة. ومنه قول العرب: "إذا طلع النجم عشاء ابتغى الراعي كساء". وقالوا أيضا: "طلع النجم غدية فابتغى الراعي كسية". وهوى يهوي هويا أي: سقط من علو، وهوي يهوى هوى أي: صبا. وقال الراغب : "الهوي سقوط من علو". ثم قال: والهوي: ذهاب في انحدار. والهوى: ذهاب في ارتفاع وأنشد:


4122 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     يهوي مخارمها هوي الأجدل



[ ص: 83 ] وقيل: هوى في اللغة خرق الهوى، ومقصده السفل، أو مصيره إليه وإن لم يقصده. قال:


4123 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     هوي الدلو أسلمها الرشاء



وقد تقدم الكلام في هذا مشبعا.

التالي السابق


الخدمات العلمية