صفحة جزء
آ. (3) قوله: وكل أمر مستقر : العامة على كسر القاف [ ص: 121 ] ورفع الراء اسم فاعل ورفعه خبرا لـ "كل" الواقع مبتدأ. وقرأ شيبة بفتح القاف، وتروى عن نافع. قال أبو حاتم : "لا وجه لها" وقد وجهها غيره على حذف مضاف، أي: وكل أمر ذو استقرار، أو زمان استقرار أو مكان استقرار، فجاز أن يكون مصدرا، وأن يكون ظرفا زمانيا أو مكانيا، قال معناه الزمخشري .

وقرأ أبو جعفر وزيد بن علي بكسر القاف وجر الراء وفيها أوجه، أحدها: ولم يذكر الزمخشري غيره أن يكون صفة لأمر. ويرتفع "كل" حينئذ بالعطف على "الساعة"، فيكون فاعلا، أي: اقتربت الساعة وكل أمر مستقر. قال الشيخ : "وهذا بعيد لوجود الفصل بجمل ثلاث، وبعيد أن يوجد مثل هذا التركيب في كلام العرب نحو: أكلت خبزا، وضربت خالدا، وإن يجئ زيد أكرمه، ورحل إلى بني فلان، ولحما، فيكون "ولحما" معطوفا على "خبزا" بل لا يوجد مثله في كلام العرب". انتهى. قلت: وإذا دل دليل على المعنى فلا نبالي بالفواصل. وأين فصاحة القرآن من هذا التركيب الذي ركبه هو حتى يقيسه عليه في المنع؟

الثاني: أن يكون "مستقر" خبرا لـ "كل أمر" وهو مرفوع، إلا أنه [ ص: 122 ] خفض على الجوار، قاله أبو الفضل الرازي. وهذا لا يجوز; لأن الجوار إنما جاء في النعت أو العطف، على خلاف في إثباته، كما قدمت لك الكلام فيه مستوفى في سورة المائدة. فكيف يقال في خبر المبتدأ: هذا ما لا يجوز؟ الثالث: أن خبر المبتدأ قوله "حكمة بالغة" أخبر عن كل أمر مستقر بأنه حكمة بالغة، ويكون قوله: "ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر" جملة اعتراض بين المبتدأ وخبره. الرابع: أن الخبر مقدر، فقدره أبو البقاء : معمول به، أو أتى. وقدره غيره: بالغوه لأن قبله وكذبوا واتبعوا أهواءهم ، أي: وكل أمر مستقر لهم في القدر من خير أو شر بالغوه.

التالي السابق


الخدمات العلمية