صفحة جزء
آ. (5) قوله: حكمة بالغة : فيه وجهان، أحدهما: أنه بدل من "ما فيه مزدجر" كأنه قيل: ولقد جاءهم حكمة بالغة من الأنباء، [ ص: 123 ] وحينئذ يكون بدل كل من كل، أو بدل اشتمال. الثاني: أن يكون خبر مبتدأ مضمر، أي: هو حكمة، أي: ذلك الذي جاءهم. وقد تقدم أنه يجوز على قراءة أبي جعفر وزيد أن يكون خبرا لـ "كل أمر مستقر" . وقرئ "حكمة" بالنصب حالا من "ما" قال الزمخشري : فإن قلت: إن كانت "ما" موصولة ساغ لك أن تنصب "حكمة" حالا، فكيف تعمل إن كانت موصوفة وهو الظاهر؟ قلت: تخصصها بالصفة فيحسن نصب الحال عنها. انتهى. وهو سؤال واضح جدا.

قوله: فما تغن النذر يجوز في "ما" أن تكون استفهامية، وتكون في محل نصب مفعولا مقدما، أي: أي شيء تغني النذر؟ وأن تكون نافية، أي: لم تغن النذر شيئا. والنذر: جمع نذير المراد به المصدر أو اسم الفاعل، كما تقدم في آخر النجم.

وكتب "تغن" إتباعا للفظ الوصل فإنها ساقطة لالتقاء الساكنين: قال بعض النحويين: وإنما حذفت الياء من "تغني" حملا لـ "ما" على "لم" فجزمت كما تجزم "لم". قال مكي: "وهذا خطأ; لأن "لم" تنفي الماضي وترد المستقبل ماضيا، و"ما" تنفي الحال، فلا يجوز أن تقع إحداهما موقع الأخرى لاختلاف معنييهما".

التالي السابق


الخدمات العلمية