صفحة جزء
[ ص: 181 ] آ. (56) قوله: فيهن قاصرات : اختلف في هذا الضمير، فقيل: يعود على الجنات، فيقال: كيف تقدم تثنية ثم أتي بضمير جمع؟

فالجواب: أن أقل الجمع اثنان على قول، وله شواهد قد تقدم أكثرها. وإما أن يقال: عائد على الجنات المدلول عليها بالجنتين، وإما أن يقال: إن كل فرد فرد له جنتان فصح أنها جنات كثيرة، وإما أن الجنة تشتمل على مجالس وقصور ومنازل فأطلق على كل واحد منها جنة. وقيل: يعود على الفرش. وهذا قول حسن قليل الكلفة.

وقال الزمخشري : "فيهن: في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجنى". قال الشيخ : "وفيه بعد" وكان قد استحسن الوجه الذي قبله. وفيه نظر; لأن الاستعمال أن يقال: على الفراش كذا، ولا يقال: في الفراش كذا إلا بتكلف; فلذلك جمع الزمخشري مع الفرش غيرها حتى صح له أن يقول: "فيهن" بحرف الظرفية، ولأن الحقيقة أن الفرش يكون الإنسان عليها; لأنه مستعل عليها. وأما كونه فيها فلا يقال إلا بمجاز. وقال الفراء : "كل موضع في الجنة جنة، فلذلك صح أن يقال: فيهن، والقاصرات: الحابسات الطرف، أي: أعينهن عن غير أزواجهن. ومعناه: قصرن ألحاظهن على أزواجهن. قال امرؤ القيس: [ ص: 182 ]

4191 - من القاصرات الطرف لو دب محول من الذر فوق الإتب منها لأثرا



وقاصرات الطرف: من إضافة اسم الفاعل لمنصوبه تخفيفا إذ يقال: قصر طرفه على كذا. وحذف متعلق القصر للعلم به، أي: على أزواجهن، كما تقدم تقريره. وقيل: المعنى: قاصرات طرف غيرهن عليهن، أي: اذا رآهن أحد لم يتجاوز طرفه إلى غيرهن.

قوله: لم يطمثهن هذه الجملة يجوز أن تكون نعتا لـ قاصرات; لأن إضافتها لفظية، كقوله: هذا عارض ممطرنا و[وقوله]:


4192 - يا رب غابطنا لو كان يطلبكم      . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



وأن تكون حالا لتخصص النكرة بالإضافة. واختلف في هذا الحرف والذي بعده عن الكسائي: فنقل عنه أنه كان يخير - في ضم أيهما شاء - القارئ. ونقل عنه الدوري ضم الأول فقط ونقل عنه أبو الحارث ضم الثاني فقط، وهما لغتان. يقال: طمثها يطمثها ويطمثها إذا جامعها. وأصل الطمث: الجماع المؤدي إلى خروج دم البكر، ثم أطلق على كل جماع: طمث، وإن لم يكن معه دم. وقيل: الطمث دم الحيض أو دم الجماع. وقيل: الطمث المس الخاص. وقرأ الجحدري "يطمثهن" بفتح [ ص: 183 ] الميم في الحرفين، وهو شاذ إذ ليست عينه ولا لامه حرف حلق. والضمير في "قبلهم" عائد على الأزواج الدال عليهم قوله: "قاصرات الطرف" أو الدال عليه "متكئين".

التالي السابق


الخدمات العلمية