صفحة جزء
آ. (2) قوله: الذين يظاهرون : قد تقدم الخلاف في "يظاهرون" في سورة الأحزاب وكذا في "اللائي" فأغنى عن إعادته [ ص: 262 ] هنا وأبي هنا "يتظاهرون" وعنه أيضا "يتظهرون". وفي "الذين" وجهان، أحدهما: أنه مبتدأ، وخبره قوله: ما هن أمهاتهم . والثاني: أنه منصوب بـ "بصير" على مذهب سيبويه في جواز إعمال فعيل، قاله مكي، يعني أن سيبويه يعمل فعيلا من أمثلة المبالغة، وهو مذهب مطعون فيه على سيبويه ; لأنه استدل على إعماله بقول الشاعر:


4238 - حتى شآها كليل موهنا عمل باتت طرابا وبات الليل لم ينم



ورد عليه: بأن "موهنا" ظرف زمان، والظروف تعمل فيها روائح الأفعال. وللكلام في المسألة موضع هو أليق به من هنا ولكن المعنى يأبى ما قاله مكي.

وقرأ العامة: "أمهاتهم" بالنصب على اللغة الحجازية الفصحى كقوله: ما هذا بشرا وعاصم في رواية بالرفع على اللغة [ ص: 263 ] التميمية، وإن كانت هي القياس لعدم اختصاص الحرف. وقرأ عبد الله "بأمهاتهم" بزيادة الباء، وهي تحتمل اللغتين. وقال الزمخشري : "وزيادة الباء في لغة من ينصب". قلت: هذا هو مذهب أبي علي، يرى أن الباء لا تزاد إلا إذا كانت "ما" عاملة فلا تزاد في التميمية ولا في الحجازية إذا منع من عملها مانع نحو: "ما إن زيد بقائم". وهذا مردود بقول الفرزدق وهو تميمي:


4239 - لعمرك ما معن بتارك حقه     ولا منسئ معن ولا متيسر



وبقول الآخر:


4240 - لعمرك ما إن أبو مالك     بواه ولا بضعيف قواه



فزادها مع "ما" الواقع بعدها "إن".

قوله: منكرا من القول وزورا نعتان لمصدر محذوف أي: قولا منكرا، وزورا أي: كذبا وبهتانا قاله مكي وفيه نظر; إذ يصير [ ص: 264 ] التقدير: ليقولون قولا منكرا من القول، فيصير قوله "من القول" لا فائدة فيه. والأولى أن يقال: نعتان لمفعول محذوف لفهم المعنى أي: ليقولون شيئا منكرا من القول لتفيد الصفة غير ما أفاده الموصوف.

التالي السابق


الخدمات العلمية