آ . (135) قوله تعالى :
والذين إذا فعلوا : يجوز أن يكون معطوفا على الموصول قبله ، ففيه ما فيه من الأوجه السابقة ، وتكون الجملة من قوله :
والله يحب المحسنين جملة اعتراض بين المتعاطفين ، ويجوز أن يكون "والذين " مرفوعا بالابتداء ، و "أولئك " مبتدأ ثان ، و "جزاؤهم " مبتدأ ثالث ، و "مغفرة " خبر الثالث ، والثالث وخبره خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأول . وقوله :
إذا فعلوا شرط جوابه "ذكروا " وقوله :
فاستغفروا عطف على الجواب ، والجملة الشرطية وجوابها صلة الموصول ، والمفعول الأول لاستغفر محذوف ، أي : استغفروا الله لذنوبهم . وقد تقدم الكلام على "استغفر " ، وأنه يتعدى لاثنين ثانيهما بحرف الجر ، وليس هو هذه اللام بل "من " ، وقد تحذف ، وقوله :
ومن يغفر استفهام معناه النفي ، ولذلك وقع بعده الاستثناء .
[ ص: 397 ] وقوله :
إلا الله بدل من الضمير المستكن في "يغفر " التقدير : لا يغفر أحد الذنوب إلا الله ، والمختار هنا الرفع على البدل لكون الكلام غير إيجاب ، وقد تقدم تحقيقه عند قوله تعالى :
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : "ومن " مبتدأ ، و "يغفر " خبره ، و
إلا الله فاعل أو بدل من المضمر وهو الوجه ، لأنك إذا جعلت الله تعالى فاعلا احتجت إلى تقدير ضمير أي : ومن يغفر الذنوب له غير الله "وهذا الذي قاله - أعني جعله الجلالة فاعلا - يقرب من الغلط فإن الاستفهام هنا لا يراد به حقيقته ، إنما يراد النفي ، والوجه ما تقدم من كون الجلالة بدلا من ذلك الضمير المستتر العائد على " من "الاستفهامية .
قوله :
ولم يصروا يجوز أن تكون جملة حالية من فاعل " استغفروا "أي : استغفروا غير مصرين ، ويجوز أن تكون هذه الجملة منسوقة على " فاستغفروا "أي : ترتب على فعلهم الفاحشة ذكر الله تعالى والاستغفار لذنوبهم وعدم إصرارهم عليها ، وتكون الجملة من قوله :
ومن يغفر الذنوب إلا الله على هذين الوجهين معترضة بين المتعاطفين على الوجه الثاني ، وبين الحال وذي الحال على الأول .
قوله :
وهم يعلمون يجوز أن تكون حالا ثانية من فاعل " استغفروا "وأن تكون حالا من فاعل " يصروا " ، ومفعول " يعلمون "محذوف للعلم به ، فقيل : تقديره : يعلمون أن الله يتوب على من تاب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وقيل : يعلمون أن تركه أولى ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن . وقيل : يعلمون المؤاخذة بها أو عفو الله عنها . و " ما "في قوله :
على ما فعلوا يجوز أن تكون اسمية بمعنى الذي ، ويجوز أن تكون مصدرية .
[ ص: 398 ] والإصرار : المداومة على الشيء وترك الإقلاع عنه وتأكيد العزم على ألا يتركه ، من صر الدنانير : إذا ربط عليها ، ومنه " صرة الدراهم "لما يربط بها . وقال
الحطيئة يصف خيلا :
1431 - عوابس بالشعث الكماة إذا ابتغوا علالتها بالمحصدات أصرت
أي : ثبتت وأقامت مداومة على ما حملت عليه . وقال الشاعر :
1432 - يصر بالليل ما تخفي شواكله يا ويح كل مصر القلب ختار