آ . (137) قوله تعالى :
من قبلكم : يجوز أن يتعلق بـ "خلت "
[ ص: 399 ] ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من "سنن " ؛ لأنه في الأصل يجوز أن يكون وصفا فلما قدم نصب حالا .
والسنن : جمع "سنة " وهي الطريقة التي يكون عليها الإنسان ويلازمها ، ومنه "سنة الأنبياء " عليهم السلام . قال
خالد الهذلي لخاله
أبي ذؤيب :
1433 - فلا تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرها
وقال آخر :
1434 - وإن الألى بالطف من آل هاشم تأسوا فسنوا للكرام التآسيا
وقال
لبيد :
1435 - من أمة سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها
وقال
المفضل : "السنة الأمة " ، وأنشد :
1436 - ما عاين الناس من فضل كفضلكم ولا رئي مثله في سائر السنن
ولا دليل فيه لاحتماله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل : "سن الشيء بمعنى صوره " .
[ ص: 400 ] ومنه :
من حمإ مسنون أي : مصور . وقيل : سن الماء والدرع إذا صبهما ، وقوله :
من حمإ مسنون يجوز أن يكون منه ، ولكن نسبة الصب إلى الطين بعيدة . وقيل "مسنون " أي متغير . قال بعض أهل اللغة : "هي فعلة من سن الماء يسنه إذا والى صبه . والسن : صب الماء والعرق ونحوهما ، وأنشد
لزهير :
1437 - نعودها الطراد فكل يوم تسن على سنابكها القرون
أي : يصب عليها العرق . وقيل : سنة : فعلة بمعنى مفعول كالغرفة والأكلة . وقيل : اشتقاقها من سننت النصل أسنه سنا إذا حددته ، والمعنى أن الطريقة الحسنة معتنى بها كما يعتنى بالنصل ونحوه . وقيل : من سن الإبل : إذا أحسن رعيها . والمعنى : أن صاحب السنة يقوم على أصحابه كما يقوم الراعي على إبله ، وقد مضى من ذلك جملة صالحة في البقرة .
وقوله :
فسيروا جملة معطوفة على ما قبلها . والتسبيب في هذه الألفاظ ظاهر أي : سبب الأمر بالسير لينظروا نظر اعتبار خلو من قبلكم من الأمم وطرائقهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : " ودخلت الفاء في "فسيروا " لأن المعنى على الشرط أي : إن شككتم فسيروا .
قوله :
كيف كان عاقبة "كيف " خبر مقدم واجب التقديم ؛ لتضمنه معنى الاستفهام وهو معلق لـ "انظروا " قبله ، فالجملة في محل نصب بعد إسقاط
[ ص: 401 ] الخافض إذ الأصل : انظروا في كذا .