صفحة جزء
آ . (141) وقوله تعالى : وليمحص : معطوف على "ليعلم " وتكون الجملة من قوله : والله لا يحب الظالمين جملة معترضة بين هذه [ ص: 407 ] العلل . والتمحيص : التخليص من الشيء ، وقيل : المحص كالفحص ، ولكن الفحص يقال في إبراز شيء من أثناء ما يختلط به وهو منفصل ، والمحص يقال في إبرازه عما هو متصل به ، يقال : محصت الذهب ومحصته إذا أزلت عنه ما يشوبه من خبث . ومحص الثوب : إذا أزال عنه زئبره ، ومحص الحبل أي أخلق حتى ذهب عنه زئبره ، ومحص الظبي : عدا ، فمحص بالتخفيف يكون قاصرا ومتعديا ، هكذا روى الزجاج هذه اللفظة : "الحبل " ، ورواها النقاش : "محص الجمل " إذا ذهب وبره وأملس ، والمعنيان واضحان .

وقال الخليل : "التمحيص : التخليص من الشيء المعيب . وقيل : هو الابتلاء والاختبار " وأنشد :


1443 - رأيت فضيلا كان شيئا ملففا فكشفه التمحيص حتى بداليا



وروى الواحدي عن المبرد بسند متصل : محص الحبل يمحص محصا إذا ذهب زئبره حتى تملص ، وحبل محيص ومليص بمعنى واحد . قال : "يستحب في الفرس أن تمحص قوائمه أي : تخلص ، وأنشد ابن الأنباري على ذلك يصف فرسا :

[ ص: 408 ]

1444 - صم النسور صحاح غير عاثرة     ركبن في محصات ملتقى العصب



أي : في قوائم متجردات من اللحم ليس فيها إلا العظم والعصب والجلد . قال المبرد : " ومعنى قول الناس : "محص عنا ذنوبنا " أي أذهب ما تعلق بنا من الذنوب " . قال الواحدي : " وهذا الذي قاله المبرد تأويل المحص بفتح الحاء وهو واقع ، والمحص بسكون الحاء مصنوع ، قال الخليل : "يقال محصت الشيء أمحصه محصا إذا أخلصته من كل عيب " وفي جعله تسكين الحاء مصنوعا نظر ، لأن أهل اللغة نقلوه ساكنها ، وهو قياس مصدر الثلاثي . ومحصت السيف والسنان : جلوتهما حتى ذهب صدؤهما . قال أسامة الهذلي :


1445 - وشقوا بممحوص السنان فؤاده      ... ... ... ...



أي : بمجلو ، ومنه استعير ذلك في وصف الحبل بالملاسة والبريق . قال رؤبة يصف فرسا :


1446 - شديد جلز الصلب ممحوص السوى



والسواء : الظهر ، قصره ضرورة ، سمع : "فعلته حتى انقطع سواي " أي ظهري . وقد تقدمت مادة "محق " في البقرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية