صفحة جزء
آ . (145) قوله تعالى : وما كان لنفس أن تموت : "أن تموت " في محل رفع اسما لـ "كان " . و : "لنفس " خبر مقدم فيتعلق بمحذوف و إلا بإذن الله حال من الضمير في "تموت " فيتعلق بمحذوف ، وهو استثناء مفرغ ، والتقدير : وما كان لها أن تموت إلا مأذونا لها ، والباء للمصاحبة .

وقال أبو البقاء : و إلا بإذن الله الخبر ، واللام للتبيين متعلقة بـ "كان " . وقيل : هي متعلقة بمحذوف تقديره : الموت لنفس ، و "أن تموت " تبيين للمحذوف ، ولا يجوز أن تتعلق اللام بـ "تموت " لما فيه من تقديم الصلة على الموصول " . وقال بعضهم : " إن "كان " زائدة فيكون "أن تموت " مبتدأ ، و "لنفس " خبره " . وقال الزجاج : " تقديره : وما كانت نفس لتموت ، ثم قدمت اللام "فجعل ما كان اسما لـ " كان "وهو " أن تموت "خبرا لها ، وما كان خبرا وهو " لنفس "اسما لها . فهذه خمسة أقوال ، أظهرها الأول .

[ ص: 419 ] أما قول أبي البقاء " واللام للتبيين فتتعلق بمحذوف "ففيه نظر من وجهين ، أحدهما : أن " كان "الناقصة لا تعمل في غير اسمها وخبرها ، ولئن سلم ذلك فاللام التي للتبيين إنما تتعلق بمحذوف ، وقد نصوا على ذلك في نحو : " سقيا لك " .

وأما من جعل " لنفس "متعلقة بمحذوف تقديره : " الموت لنفس "ففاسد لأنه ادعى حذف شيء لا يجوز ، لأنه إن جعل " كان "تامة أو ناقصة امتنع حذف مرفوعها لأن الفاعل لا يحذف ، وأيضا فإن فيه حذف المصدر وإبقاء معموله وهو لا يجوز . وكذلك قول من جعل " كان "زائدة . وأما قول الزجاج فإنه تفسير معنى لا إعراب فتعود الأقوال أربعة .

قوله : كتابا مؤجلا في نصبه ثلاثة أوجه ، أظهرها : أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة التي قبله ، فعامله مضمر تقديره : " كتب الله ذلك كتابا " ، نحو : صنع الله وعد الله ، و كتاب الله عليكم . والثاني : أنه منصوب على التمييز . ذكره ابن عطية ، وهذا غير مستقيم ؛ لأن التمييز منقول وغير منقول ، وأقسامه محصورة وليس هذا شيئا منها . وأيضا فأين الذات المبهمة التي تحتاج إلى تفسير . والثالث : أنه منصوب على الإغراء ، والتقدير : الزموا كتابا مؤجلا وآمنوا بالقدر ، وليس المعنى على ذلك .

وقرأ ورش : " موجلا "بالواو بدل الهمزة وهو قياس تخفيفها .

قوله : ومن يرد ثواب " من "مبتدأ وهي شرطية . وفي خبر هذا المبتدأ [ ص: 420 ] الخلاف المشهور . وأدغم أبو عمرو وحمزة والكسائي وابن عامر - بخلاف عنه - دال " يرد "في الثاء ، والباقون بالإظهار .

وقرأ أبو عمرو بالإسكان في هاء "نؤتيه " في الموضعين وصلا ووقفا ، وقالون وهشام - بخلاف عنه - بالاختلاس وصلا ، والباقون بالإشباع وصلا . فأما السكون فقالوا : إن الهاء لما حلت محل ذلك المحذوف أعطيت ما كان يستحقه من السكون . وأما الاختلاس فلاستصحاب ما كانت عليه الهاء قبل حذف لام الكلمة ، فإن الأصل : نؤتيه ، فحذفت الياء للجزم ، ولم يعتد بهذا العارض فبقيت الهاء على ما كانت عليه . وأما الإشباع فنظرا إلى اللفظ لأن الهاء بعد متحرك في اللفظ ، وإن كانت في الأصل بعد ساكن وهو الياء التي حذفت للجزم . والأولى أن يقال : إن الاختلاس والإسكان بعد المتحرك لغة ثابتة عن بني عقيل وبني كلاب ، حكى الكسائي : "له مال وبه داء " بسكون الهاء ، واختلاس حركتها ، وبهذا يتبين أن قول من قال : "إسكان الهاء واختلاسها في هذا النحو لا يجوز إلا ضرورة " ليس بشيء ، أما غير بني عقيل وبني كلاب فنعم لا يوجد ذلك عندهم إلا في ضرورة كقوله :


1454 - له زجل كأنه صوت حاد إذا طلب الوسيقة أو زمير



باختلاس هاء "كأنه " ، وقول الآخر :


1455 - وأشرب الماء ما بي نحوه عطش     إلا لأن عيونه سيل واديها



[ ص: 421 ] بسكونها . وجعل ابن عصفور أن الضرورة في البيت الثاني أحسن منها في الأول قال : "لأنه إذهاب للحركة وصلتها فهي جري على الضرورة إجراء كاملا " وإنما ذكرت هذه التعليلات لكثرة ورود هذه المسألة نحو يرضه لكم و فبهداهم اقتده . وقرئ : "يؤته " بياء الغائب ، والضمير لله تعالى ، وكذلك : وسنجزي الشاكرين بالنون والياء

.

التالي السابق


الخدمات العلمية