صفحة جزء
آ . (151) قوله تعالى : سنلقي : الجمهور بنون العظمة وهو التفات من الغيبة في قوله : وهو خير الناصرين ، وذلك للتنبيه على عظم ما يلقيه تعالى . وقرأ أيوب السختياني : "سيلقي " بالغيبة جريا على الأصل . وقدم المجرور على المفعول به اهتماما بذكر المحل قبل ذكر الحال . والإلقاء هنا مجاز لأن أصله في الأجرام ، فاستعير هنا كقوله :


1463 - هما نفثا في في من فمويهما على النابح العاوي أشد رجام



وقرأ ابن عامر والكسائي : "الرعب " و "رعبا " بالضم ، والباقون بالإسكان . فقيل : لغتان ، وقيل : الأصل الضم وخفف ، وهذا قياس [ ص: 435 ] مطرد ، وقيل : الأصل السكون ، وضم إتباعا كالصبح والصبح ، وهذا عكس المعهود من لغة العرب .

[والرعب : الخوف . يقال : رعبته فهو مرعوب ، وأصله من الامتلاء ، يقال : رعبت الحوض أي : ملأته ، وسيل راعب ، أي : ملأ الوادي . والسلطان : الحجة والبرهان ، واشتقاقه : إما من سليط السراج الذي يوقد به ...... ، لإنارته ووضوحه ، وإما من السلاطة وهي الحدة والقهر ] .

و في قلوب متعلق بالإلقاء . وكذلك بما أشركوا ، ولا يضر تعلق الحرفين لاختلاف معناهما ، فإن "في " للظرفية والباء للسببية . و "ما " مصدرية . و "ما " الثانية مفعول به لـ "أشركوا " ، وهي موصولة بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة . والراجع الهاء في "به " ، ولا يجوز أن تكون مصدرية عند الجمهور لعود الضمير عليها . وتسلط النفي على الإنزال لفظا والمقصود نفي السلطان ، أي : الحجة ، كأنه قيل : لا سلطان على الإشراك فينزل كقوله :


1464 - ... ... ... ...     ولا ترى الضب بها ينجحر



أي : لا ينجحر الضب بها فيرى ، وقوله :


1465 - على لاحب لا يهتدى بمناره      ... ... ... ...



أي : لا منار له فيهتدى به ، فالمعنى على نفي السلطان والإنزال معا . و "سلطانا " مفعول لـ "ينزل " .

[ ص: 436 ] وقوله : وبئس مثوى الظالمين المخصوص بالذم محذوف أي : مثواهم ، أو النار . والمثوى : مفعل من ثويت أي : أقمت ، فلامه ياء ، وقدم المأوى - وهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان - على المثوى وهو مكان الإقامة ، لأنه على الترتيب الوجودي يأوي ثم يثوي ، ولا يلزم من المأوى الإقامة ، بخلاف عكسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية