صفحة جزء
آ. (23) قوله: ولا تذرن ودا ولا سواعا : يجوز أن يكون من عطف الخاص على العام إن قيل: إن هذه الأسماء لأصنام، وأن لا يكون إن قيل: إنها أسماء رجال صالحين على ما ذكر في التفسير. وقرأ نافع "ودا" بضم الواو، والباقون بفتحها، وأنشد بالوجهين قول الشاعر:


4344- حياك ود فإنا لا يحل لنا لهو النساء وإن الدين قد عزما



وقول الآخر:


4345- فحياك ود من هداك لفتية     وخوص بأعلى ذي فضالة منجد



قوله: ولا يغوث ويعوق قرأهما العامة بغير تنوين. فإن كانا عربيين فالمنع من الصرف للعلمية والوزن، وإن كانا أعجميين فللعلمية والعجمة. وقرأ الأعمش: "ولا يغوثا ويعوقا" مصروفين. قال ابن عطية: "وذلك وهم: لأن التعريف لازم ووزن الفعل". انتهى. [ ص: 474 ] وليس بوهم لأمرين، أحدهما: أنه صرفهما للتناسب، إذ قبله اسمان منصرفان، وبعده اسم منصرف، كما صرف "سلاسل". والثاني: أنه جاء على لغة من يصرف غير المنصرف مطلقا. وهي لغة حكاها الكسائي.

ونقل أبو الفضل الصرف فيهما عن الأشهب العقيلي ثم قال: "جعلهما فعولا; فلذلك صرفهما، فأما في العامة فإنهما صفتان من الغوث والعوق". قلت: وهذا كلام مشكل. أما قوله: "فعولا" فليس بصحيح، إذ مادة "يغث" و"يعق" مفقودة. وأما قوله: "صفتان من الغوث والعوق" فليس في الصفات ولا في الأسماء "يفعل" والصحيح ما قدمته. وقال الزمخشري : "وهذه قراءة مشكلة; لأنهما إن كانا عربيين أو أعجميين ففيهما منع الصرف، ولعله قصد الازدواج فصرفهما. لمصادفته أخواتهما منصرفات: ودا وسواعا ونسرا". قال الشيخ : "كأنه لم يطلع على أن صرف ما لا ينصرف لغة" .

التالي السابق


الخدمات العلمية