صفحة جزء
آ. (14) قوله: بصيرة : يجوز فيها أوجه، أحدها: أنها [ ص: 571 ] خبر عن "الإنسان" و "على نفسه" متعلق بـ "بصيرة" والمعنى: بل الإنسان بصيرة على نفسه، وعلى هذا فلأي شيء أنث الخبر؟ وقد اختلف النحويون في ذلك، فقال بعضهم: الهاء فيه للمبالغة. وقال الأخفش: "هو كقولك: فلان عبرة وحجة". وقيل: المراد بالإنسان الجوارح، فكأنه قال: بل جوارحه بصيرة أي: شاهدة. والثاني: أنها مبتدأ، و"على نفسه" خبرها. والجملة خبر عن "الإنسان"، وعلى هذا ففيها تأويلات أحدها: أن يكون "بصيرة" صفة لمحذوف، أي: عين بصيرة، قاله الفراء . وأنشد:


4413- كأن على ذي العقل عينا بصيرة بمقعده أو منظر هو ناظره




يحاذر حتى يحسب الناس كلهم     من الخوف لا تخفى عليهم سرائره



الثاني: أن المعنى: جوارح بصيرة. الثالث: أن المعنى: ملائكة بصيرة، والتاء على هذا للتأنيث. وقال الزمخشري : بصيرة: حجة بينة، وصفت بالبصارة على المجاز كما وصفت الآيات بالإبصار في قوله: فلما جاءتهم آياتنا مبصرة . قلت: هذا إذا لم تجعل الحجة عبارة عن الإنسان، أو تجعل دخول التاء للمبالغة. أما إذا كانت للمبالغة [ ص: 572 ] فنسبة الإبصار إليها حقيقة. الثالث من الأوجه السابقة: أن يكون الخبر الجار والمجرور، و"بصيرة" فاعل به، وهو أرجح مما قبله لأن الأصل في الإخبار الإفراد.

التالي السابق


الخدمات العلمية