صفحة جزء
آ. (24) قوله: أو كفورا : في "أو" هذه أوجه، أحدها: أنها على بابها، وهو قول سيبويه . قال أبو البقاء : وتفيد في النهي [المنع] عن الجميع; لأنك إذا قلت في الإباحة: "جالس الحسن أو ابن سيرين" كان التقدير: جالس أحدهما. فإذا نهى فقال: "لا تكلم زيدا أو عمرا" فالتقدير: لا تكلم أحدهما، فأيهما كلمه كان أحدهما، فيكون ممنوعا منه، فكذلك في الآية، ويؤول المعنى: إلى تقدير: ولا تطع منهما آثما ولا كفورا. وقال الزمخشري : فإن قلت: معنى "أو": ولا تطع أحدهما، فهلا جيء بالواو ليكون نهيا عن طاعتهما جميعا. قلت: لو قيل: "لا تطعهما" لجاز أن يطيع أحدهما. وإذا قيل: لا تطع أحدهما علم أن الناهي عن طاعة أحدهما، عن طاعتهما جميعا أنهى، كما إذا نهي أن يقول لأبويه: "أف" علم أنه منهي عن ضربهما على طريق الأولى. الثاني: أنها بمعنى "لا"، أي: لا تطع من أثم [ ص: 625 ] ولا من كفر. قال مكي: "وهو قول الفراء، وهو بمعنى الإباحة التي ذكرنا". الثالث: أنها بمعنى الواو، وقد تقدم أن ذلك قول الكوفيين وتقدمت أدلتهم.

والكفور، وإن كان يستلزم الإثم، إلا أنه عطف لأحد شيئين: إما أن يكونا شخصين بعينهما. وفي التفسير: الآثم عتبة، والكفور الوليد، وإما لما قاله الزمخشري قال: "فإن قلت: كانوا كلهم كفرة فما معنى القسمة في قوله آثما أو كفورا؟ قلت: معناه لا تطع منهم راكبا لما هو إثم داعيا لك إليه، أو فاعلا لما هو كفر داعيا لك إليه; لأنهم إما أن يدعوه إلى مساعدتهم على فعل هو إثم أو كفر، أو غير إثم ولا كفر، فنهي أن يساعدهم على الاثنين دون الثالث".

التالي السابق


الخدمات العلمية