صفحة جزء
آ . (170) قوله تعالى : فرحين : فيه خمسة أوجه ، أحدها : أن يكون حالا من الضمير في "أحياء " . الثاني : من الضمير في الظرف . الثالث : من الضمير في "يرزقون " : الرابع أنه منصوب على المدح . الخامس أنه صفة لـ "أحياء " ، وهذا يختص بقراءة ابن أبي عبلة . و "بما " يتعلق بـ "فرحين " .

قوله : من فضله في "من " وجهان ، أحدهما : أن معناها السببية أي : بسبب فضله أي : الذي آتاهم الله متسبب عن فضله . الثاني : أنها لابتداء الغاية ، وعلى هذين الوجهين تتعلق بآتاهم . الثالث : أنها للتبعيض أي : بعض فضله ، وعلى هذا فتتعلق بمحذوف على أنها حال من الضمير العائد على الموصول ، ولكنه حذف والتقدير : بما آتاهموه كائنا من فضله .

قوله : ويستبشرون فيه أربعة أوجه ، أحدها : أن يكون من باب عطف الفعل على الاسم لكون الفعل في تأويله ، فيكون عطفا على "فرحين " كأنه قيل : فرحين ومستبشرين ، ونظروه بقوله تعالى : فوقهم صافات ويقبضن . والثاني : أنه أيضا يكون من باب عطف الفعل على الاسم ، لكن لأن الاسم في تأويل الفعل . قال أبو البقاء : "هو معطوف على " فرحين " ؛ لأن اسم الفاعل هنا يشبه الفعل المضارع " يعني أن "فرحين " بمنزلة "يفرحون " ، وكأنه جعله من باب قوله : إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا ، والتقدير الأول أولى ، لأن الاسم وهو "فرحين " لا ضرورة بنا إلى أن نجعله في محل فعل مضارع حتى نتأول الاسم به ، والفعل فرع عليه ، فينبغي أن يرد إليه ، [ ص: 485 ] وإنما فعلنا ذلك في الآية لأن أل الموصولة بمعنى الذي ، و "الذي " لا توصل إلا بجملة أو شبهها ، وذلك الشبه في الحقيقة يتأول بجملة .

الثالث : أن يكون مستأنفا ، الواو للعطف عطفت فعلية على اسمية .

الرابع : أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف أي : وهم يستبشرون ، وحينئذ يجوز وجهان ، أحدهما : أن تكون الجملة حالية من الضمير المستكن في "فرحين " أو من العائد المحذوف من "آتاهم " ، وإنما احتجنا إلى تقدير مبتدأ عند جعلنا إياها حالا لأن المضارع المثبت لا يجوز اقترانه بواو الحال لما تقدم غير مرة . والثاني من هذين الوجهين : أن تكون استئنافية عطفت جملة اسمية على مثلها .

واستفعل هنا ليست للطلب ، بل تكون بمعنى المجرد نحو : "استغنى الله ، واستمجد المرخ والعفار " بمعنى غني ومجد . وقد سمع "بشر الرجل " بكسر العين فيكون استبشر بمعناه ، قاله ابن عطية . ويجوز أن يكون مطاوع أبشر نحو : "أكأنه فاستكان ، وأراحه فاستراح ، وأشلاه فاستشلى ، وأحكمه فاستحكم " وهو كثير . وجعله الشيخ أظهر من حيث إن المطاوعة تدل على الانفعال عن الغير ، فحصلت لهم البشرى بإبشار الله تعالى ، وهذا لا يلزم إذا كان بمعنى المجرد .

قوله : من خلفهم في هذا الجار وجهان ، أحدهما : أنه متعلق [ ص: 486 ] بـ " يلحقوا " على معنى أنهم قد بقوا بعدهم ، وهم قد تقدموهم . والثاني : أن يكون متعلقا بمحذوف على أنه حال من فاعل "يلحقوا " أي : لم يلحقوا بهم حال كونهم متخلفين عنهم أي : في الحياة .

قوله : ألا خوف فيه وجهان أحدهما : أن "أن " وما في حيزها في محل جر بدلا من "بالذين " بدل اشتمال أي : يستبشرون بعدم خوفهم وحزنهم فهو المستبشر به في الحقيقة لأن الذوات لا يستبشر بها . والثاني : أنها في محل نصب على أنها مفعول من أجله أي : لأنهم لا خوف . و "أن " هذه هي المخففة ، واسمها ضمير الشأن ، وجملة النفي بعدها في محل الخبر ، والذوات لا يستبشر بها كما تقدم فلا بد من حذف مضاف مناسب ، والتقدير : ويستبشرون بسلامة الذين ، أو لحوقهم بهم في الدرجة .

وقال مكي بعد أن حكى أنها بدل اشتمال : "ويجوز أن تكون " أن "في موضع نصب على معنى " بأن لا " . وهذا هو بعينه هو وجه البدل المتقدم ، غاية ما في الباب أنه أعاد مع البدل العامل في تقديره ، اللهم أن يعني أنها وإن كانت بدلا من " الذين "فليست في محل جر بل في محل نصب ، لأنها سقطت منها الباء فإن الأصل " بأن لا "و " أن "إذا حذف منها حرف الجر كانت في محل نصب على رأي سيبويه والفراء . وهو بعيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية