صفحة جزء
آ . (171) قوله تعالى : وأن الله لا يضيع : قرأ الكسائي بكسر "إن " على الاستئناف . وقال الزمخشري : "إن قراءة الكسر اعتراض " [ ص: 487 ] واستشكل كونها اعتراضا ، لأنها لم تقع بين شيئين متلازمين "ويمكن أن يجاب عنه بأن " الذين استجابوا "يجوز أن يكون تابعا لـ " الذين لم يلحقوا "نعتا أو بدلا على ما سيأتي ، فعلى هذا يتصور الاعتراض . ويؤيد كونها للاستئناف قراءة عبد الله ومصحفه : "والله لا يضيع " . وقرأ باقي السبعة بالفتح عطفا على قوله : " بنعمة "لأنها بتأويل مصدر أي : يستبشرون بنعمة من الله وفضل منه وعدم إضاعة الله أجر المؤمنين .

وقوله : يستبشرون من غير حرف عطف فيه أوجه ، أحدها : أنه استئناف متعلق بهم أنفسهم دون " الذين لم يلحقوا بهم " لاختلاف متعلق البشارتين . والثاني : أنه تأكيد للأول لأنه قصد بالنعمة والفضل بيان متعلق الاستبشار الأول ، وإليه ذهب الزمخشري . الثالث : أنه بدل من الفعل الأول ، ومعنى كونه بدلا أنه لما كان متعلقه بيانا لمتعلق الأول حسن أن يقال : بدل منه ، وإلا فكيف يبدل فعل من فعل موافق له لفظا ومعنى ؟ وهذا في المعنى يؤول إلى وجه التأكيد . والرابع : أنه حال من فاعل " يحزنون " ، ويحزنون عامل فيه أي : ولا هم يحزنون حال كونهم مستبشرين بنعمة . وهو بعيد لوجهين ، أحدهما : أن الظاهر اختلاف من نفى عنه الحزن ومن استبشر . والثاني : أن نفي الحزن ليس مقيدا ليكون أبلغ في البشارة ، والحال قيد فيه فيفوت هذا المعنى .

التالي السابق


الخدمات العلمية