صفحة جزء
آ . (183) قوله تعالى : الذين قالوا : يجوز في محله الألقاب الثلاثة : فالجر من ثلاثة أوجه ، الأول : أنه صفة لـ "الذين " المخفوض بإضافة "قول " إليه . الثاني : أنه بدل منه . الثالث : أنه صفة لـ "العبيد " أي : ليس بظلام للعبيد الذين قالوا كيت وكيت ، قاله الزجاج . قال ابن عطية : "وهذا مفسد للمعنى والرصف " .

والرفع : على القطع بإضمار مبتدأ أي : هم الذين . وكذلك النصب على القطع أيضا بإضمار فعل لائق أي "أذم الذين " .

[ ص: 517 ] قوله : ألا نؤمن في "أن " وجهان ، أحدهما : أنها على حذف حرف الجر ، والأصل : في أن لا نؤمن ، وحينئذ يجيء فيها المذهبان المشهوران : أهي في محل جر أو نصب . والثاني : أنها مفعول بها على تضمين : "عهد " معنى ألزم ، تقول : "عهدت إليه كذا " أي : ألزمته إياه ، فهي على هذا في محل نصب فقط .

و "أن " تكتب متصلة ومنفصلة اعتبارا بالأصل أو بالإدغام . ونقل أبو البقاء أن منهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد . وحكى مكي عن المبرد أنها إن أدغمت بغنة كتبت متصلة وإلا فمنفصلة ، ونقل عن بعضهم أنها إن كانت مخففة كتبت منفصلة ، وإن كانت ناصبة كتبت متصلة ، والفرق أن المخففة معها ضمير مقدر ، فكأنه فاصل بينهما بخلاف الناصبة ، وقول أهل الخط في مثل هذا : "تكتب متصلة " عبارة عن حذفها في الخط بالكلية اعتبارا بلفظ الإدغام لا أنهم يكتبونها متصلة ، ويثبتون لها بعض صورتها فيكتبون : أنلا ، والدليل على ذلك أنهم لما قالوا في "أم من " و "أم ما " ونحوه بالاتصال إنما يعنون به كتابة حرف واحد فيكتبون : أمن وأما . وفهم أبو البقاء أن الاتصال في ذلك عبارة عن كتابتهم لها بعض صورتها ملصقة بـ "لا " ، والدليل على أنه فهم ذلك أنه قال : "ومنهم من يحذفها في الخط اكتفاء بالتشديد " فجعل الحذف قسيما للوصل والفصل ، ولا يقول أحد بهذا .

وتعدى "نؤمن " باللام لتضمنه معنى الاعتراف ، وقد تقدم في أول البقرة .

[ ص: 518 ] وقرأ عيسى بن عمر : "بقربان " بضمتين . قال ابن عطية : "إتباعا لضمة القاف ، وليس بلغة لأنه ليس في الكلام فعلان بضم الفاء والعين ، وحكى سيبويه : " السلطان "بضم اللام ، وقال : " إن ذلك على الإتباع " . قال الشيخ : ولم يقل سيبويه إن ذلك على الإتباع بل قال : " ولا نعلم في الكلام فعلان ولا فعلان ولكنه قد جاء فعلان وهو قليل ، قالوا : "السلطان " وهو اسم "قال الشارح لكلام سيبويه " صاحب هذه اللغة لا يسكن ولا يتبع "وكذا ذكر التصريفيون أنه بناء مستقل ، قالوا ولم يجئ فعلان إلا اسما وهو قليل نحو : " سلطان " . قلت : أما ابن عطية فمسلم أنه وهم في النقل عن سيبويه في "سلطان " خاصة ، ولكن قوله في "قربان " صحيح لأن أهل التصريف لم يستثنوا إلا السلطان .

والقربان في الأصل مصدر ثم سمي به المفعول كالرهن فإنه في الأصل مصدر ولا حاجة إلى حذف مضاف . وزعم أبو البقاء أنه على حذف مضاف أي : بتقريب قربان ، قال : "أي يشرع لنا ذلك " . و "تأكله النار " صفة لقربان ، وإسناد الأكل إليها مجاز عبر عن إفنائها الأشياء بالأكل .

و "من قبلي " و "بالبينات " كلاهما متعلق بـ "جاءكم " ، والباء تحتمل المعية والتعدية أي : مصاحبين للآيات .

التالي السابق


الخدمات العلمية