صفحة جزء
آ. (5) قوله : فوسطن : العامة على تخفيف السين، أي: توسطن. وفي الهاء في "به" أوجه، أحدها: أنها للصبح، كما تقدم. والثاني: أنها للنقع، أي: وسطن بالنقع الجمع، أي: جعلن الغبار وسط الجمع، فالباء للتعدية، وعلى الأول هي ظرفية، الثالث: أن الباء للحالية، أي: فتوسطن ملتبسات بالنقع، أي: بالغبار جمعا من جموع الأعداء. وقيل: الباء مزيدة، نقله أبو البقاء. و "جمعا" على هذه الأوجه مفعول به. الرابع: أن المراد بـ "جمع" المزدلفة وهي تسمى جمعا. والمراد أن الإبل تتوسط جمعا الذي هو المزدلفة، كما مر عن أمير [ ص: 88 ] المؤمنين رضي الله عنه، فالمراد بالجمع مكان لا جماعة الناس، كقول صفية:


4626 - . . . . . . . . . . . والعاديات غداة جمع . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



وقول بشر بن أبي خازم:


4627 - فوسطن جمعهم وأفلت حاجب     تحت العجابة في الغبار الأقتم



و "جمعا" على هذا منصوب على الظرف، وعلى هذا فيكون الضمير في "به" : "إما للوقت، أي: في وقت الصبح، وإما للنقع، وتكون الباء للحال، أي: ملتبسات بالنقع. إلا أنه يشكل نصب الظرف المختص إذ كان حقه أن يتعدى إليه بـ "في" . وقال أبو البقاء: "إن جمعا حال "وسبقه إليه مكي. وفيه بعد; إذ المعنى: على أن الخيل توسطت جمع الناس.

وقرأ علي وزيد بن علي وقتادة وابن أبي ليلى بتشديد السين، وهما لغتان بمعنى واحد أعني التثقيل والتخفيف. وقال الزمخشري : [ ص: 89 ] "التشديد للتعدية والباء مزيدة للتأكيد كقوله: وأتوا به متشابها وهي مبالغة في "وسطن" انتهى. وقوله: "وهي مبالغة" يناقض قوله أولا "للتعدية" ; لأن التشديد للمبالغة لا يكسب الفعل مفعولا آخر تقول: "ذبحت الغنم" مخففا ثم تبالغ فتقول: "ذبحتها" مثقلا، وهذا على رأيه قد جعله متعديا بنفسه بدليل جعله الباء مزيدة فلا يكون للمبالغة.

التالي السابق


الخدمات العلمية