آ . (16) قوله تعالى : 
واللذان  : الكلام عليه كالكلام على "اللاتي " إلا أن في كلام 
 nindex.php?page=showalam&ids=14803أبي البقاء  ما يوهم جواز الاشتغال فيه ، فإنه قال : "الكلام في " اللذان "كالكلام في " اللاتي " ، إلا أن من أجاز النصب يصح أن يقدر فعلا من جنس المذكور تقديره : آذوا اللذين ، ولا يجوز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها ها هنا ولو عري من الضمير ؛ لأن الفاء هنا في حكم الفاء الواقعة في جواب الشرط ، وتلك تقطع ما بعدها عما قبلها "  
[ ص: 621 ] فقوله : "من أجاز النصب " يحتمل من أجاز النصب المتقدم في "اللاتي " بإضمار فعل لا على سبيل الاشتغال كما قدره هو بنحو "اقصدوا " ، ويحتمل من أجاز النصب على الاشتغال من حيث الجملة ، إلا أن هذا بعيد لأن الآيتين من واد واحد فلا يظن به أنه يمنع في إحداهما ويجيز في الأخرى ، ولا ينفع كون الآية الأولى فيها الفعل الذي يفسر متعد بحرف جر ، والفعل الذي في هذه الآية متعد بنفسه فيكون أقوى إذ لا أثر لذلك في باب الاشتغال . والضمير المنصوب في "يأتيانها " للفاحشة . 
وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله   : "يأتين بالفاحشة " أي يجئن بها ، ومعنى قراءة الجمهور "يغشينها ويخالطنها " . 
وقرأ الجمهور : "واللذان " بتخفيف النون ، وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير   : "واللذان " هنا ، و "اللذين " في حم السجدة بتشديد النون . ووجهها جعل إحدى النونين عوضا من الياء المحذوفة التي كان ينبغي أن تبقى ، وذلك أن "الذي " مثل "القاضي " ، و "القاضي " تثبت ياؤه في التثنية ، فكان حق ياء الذي والتي أن تثبت في التثنية ولكنهم حذفوها : إما لأن هذه تثنية على غير القياس ، لأن المبهمات لا تثنى حقيقة ، إذ لا يثنى إلا ما ينكر ، والمبهمات لا تنكر ، فجعلوا الحذف منبهة على هذا ، وإما لطول الكلام بالصلة . وزعم ابن عصفور أن تشديد النون لا يجوز إلا مع الألف كهذه الآية ، ولا يجوز مع الياء في الجر والنصب ، وقراءة 
 nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير  في حم السجدة : 
أرنا اللذين أضلانا حجة عليه .  
[ ص: 622 ] وقرئ : "اللذأن " بهمزة وتشديد النون ، ووجهها أنه لما شدد النون التقى ساكنان ففر من ذلك بإبدال الألف همزة ، وقد تقدم تحقيق ذلك في الفاتحة . 
وقرأ 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله   : "والذين يفعلونه منكم " ، وهذه قراءة مشكلة لأنها بصيغة الجمع ، وبعدها ضمير تثنية ، وقد يتكلف لها تخريج : هو أن "الذين " لما كان شاملا لصنفي الذكور والإناث عاد الضمير عليه مثنى اعتبارا بما اندرج تحته ، وهذا كما عاد ضمير الجمع على المثنى الشامل لأفراد كثيرة مندرجة تحته كقوله تعالى : 
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ، 
هذان خصمان اختصموا كذا قال الشيخ وفيه نظر ، فإن الفرق ثابت ؛ وذلك لأن "الطائفة " اسم لجماعة وكذلك "خصم " ؛ لأنه في الأصل مصدر فأطلق على الجمع . 
وأصل فآذوهما : فآذيوهما ، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت الياء التي هي لام ، وضم ما قبل الواو لتصح .