صفحة جزء
آ . (18) قوله تعالى : حتى إذا : حتى حرف ابتداء ، والجملة الشرطية بعدها غاية لما قبلها أي : ليست التوبة لقوم يعملون السيئات ، وغاية عملهم إذا حضرهم الموت قالوا : كيت وكيت ، وهذا وجه حسن ، ولا يجوز في "حتى " أن تكون جارة لـ "إذا " أي : يعملون السيئات إلى وقت حضور الموت من حيث إنها شرطية ، والشرط لا يعمل فيه ما قبله ، وإذا جعلنا "حتى " جارة تعلقت بـ "يعملون " ، وأدوات الشرط لا يعمل فيها ما قبلها ، ألا ترى أنه يجوز : "بمن تمرر أمرر " ، ولا يجوز : مررت بمن يقم أكرمه ، لأن له صدر الكلام ، ولأن "إذا " لا تتصرف على المشهور كما تقدم تقريره في أول البقرة واستدل ابن مالك على تصرفها بوجوه ، منها : جرها بـ "حتى " نحو : حتى [ ص: 626 ] إذا جاءوها حتى إذا كنتم ، وفيه من الإشكال ما ذكرته لك ، وقد تقدم تقرير ذلك عند قوله : حتى إذا بلغوا .

قوله : ولا الذين يموتون "الذين " مجرور المحل عطفا على قوله "للذين يعملون " أي ليست التوبة لهؤلاء ولا لهؤلاء ، فسوى بين من مات كافرا وبين من لم يتب إلا عند معاينة الموت في عدم قبول توبته ، والمراد بالعاملين السيئات :المنافقون .

وأجاز أبو البقاء في "الذين " أن يكون مرفوع المحل على الابتداء ، وخبره "أولئك " وما بعده ، معتقدا أن اللام لام الابتداء ، وليست بـ "لا " النافية . وهذا الذي قاله من كون اللام لام الابتداء لا يصح إلا أن يكون قد رسمت في المصحف لام داخلة على "الذين " فيصير "وللذين " ، وليس المرسوم كذلك ، إنما هو لام وألف ، وألف لام التعريف الداخلة على الموصول ، وصورته : ولا الذين .

قوله : "أولئك " مبتدأ ، و "أعتدنا " خبره ، و "أولئك " يجوز أن يكون إشارة إلى "الذين يموتون وهم كفار ، لأن اسم الإشارة يجري مجرى الضمير فيعود لأقرب مذكور ، ويجوز أن يشار به إلى الصفتين : الذين يعملون السيئات والذين يموتون وهم كفار . وأعتدنا أي : أحضرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية