صفحة جزء
آ . (36) قوله تعالى : وبالوالدين إحسانا : تقدم نظيرتها في البقرة ، إلا أن هنا قال : وبذي القربى بإعادة الباء ، وذلك لأنها في حق هذه الأمة فالاعتناء بها أكثر ، وإعادة الباء يدل على زيادة تأكيد فناسب ذلك هنا بخلاف آية البقرة فإنها في حق بني إسرائيل . وقرأ ابن أبي عبلة "إحسان " بالرفع ، على أنه مبتدأ وخبره الجار قبله ، والمراد بهذه الجملة الأمر بالإحسان وإن كانت خبرية كقوله : فصبر جميل .

[ ص: 675 ] قوله : والجار ذي القربى الجمهور على خفض "الجار " والمراد به القريب النسب ، وبالجار الجنب البعيد النسب . وعن ميمون بن مهران : "والجار ذي القربى أريد به الجار القريب " قال ابن عطية : "وهذا خطأ لأنه على تأويله جمع بين " أل "والإضافة ، إذ كان وجه الكلام " وجار ذي القربى " . ويمكن تصحيح كلام ابن مهران على أن " ذي القربى "بدل من " الجار "على حذف مضاف أي : والجار جار ذي القربى كقوله :


1579 - نضر الله أعظما دفنوها بسجستان طلحة الطلحات



أي : أعظم طلحة ، ومن كلامهم : " لو يعلمون : العلم الكبيرة سنة "أي : علم الكبيرة سنة ، فحذف البدل لدلالة الكلام عليه .

وقرأ بعضهم : " والجار ذا القربى "نصبا . وخرجه الزمخشري على الاختصاص كقوله : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى .

والجنب صفة على فعل نحو : ناقة سرح ، ويستوي فيه المفرد والمثنى والمجموع مذكرا ومؤنثا نحو : رجال جنب ، قال تعالى : وإن كنتم جنبا ، [ ص: 676 ] وبعضهم يثنيه ويجمعه ، ومثله : شلل . وعن عاصم : " والجار الجنب "بفتح الجيم وسكون النون ، وهو وصف أيضا بمعنى المجانب كقولهم : رجل عدل وألف الجار عن واو لقولهم : تجاوروا وجاورته ، ويجمع على جيرة وجيران . والجنابة : البعد . قال :


1580 - فلا تحرمني نائلا عن جنابة     فإني امرؤ وسط القباب غريب



لأن الإنسان يترك جانبا ، ومنه : واجنبني وبني .

قوله : بالجنب يجوز في الباء وجهان : أحدهما : أن تكون بمعنى " في " . والثاني : أن تكون على بابها وهو الأولى ، وعلى كلا التقديرين تتعلق بمحذوف لأنها حال من الصاحب . و وما ملكت يجوز أن يريد غير العبيد والإماء بـ " ما " ، حملا على الأنواع كقوله : ما طاب لكم وأن يكون أريد جميع ما ملكه الإنسان من الحيوانات فاختلط العاقل بغيره فأتى بـ " ما " .

التالي السابق


الخدمات العلمية