صفحة جزء
آ . (41) قوله تعالى : فكيف : فيها ثلاثة أقوال ، أحدها : أنها في [ ص: 683 ] محل رفع خبرا لمبتدأ محذوف أي : فكيف حالهم أو صنعهم ؟ والعامل في "إذا " هو هذا المقدر . والثاني : أنها في محل نصب بفعل محذوف أي : فكيف تكونون أو تصنعون ؟ ويجري فيها الوجهان : النصب على التشبيه بالحال كما هو مذهب سيبويه ، أو على التشبيه بالظرفية كما هو مذهب الأخفش ، وهو العامل في "إذا " أيضا . والثالث : - حكاه ابن عطية - عن مكي أنها معمولة لـ " جئنا " ، وهذا غلط فاحش .

قوله : من كل فيه وجهان ، أحدهما : أنه متعلق بـ " جئنا " . والثاني : أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من "شهيد " ، وذلك على رأي من يجوز تقديم حال المجرور بالحرف عليه ، وقد تقدم تحريره . والمشهود عليه محذوف أي : بشهيد على أمته .

والمثقال : مفعال من الثقل وهو زنة كل شيء ، والذرة : النملة الصغيرة ، وقيل : رأسها ، وقيل : الخردلة ، وقيل : جزء الهباءة ، وعن ابن عباس : أنه أدخل يده في التراب ثم نفخها وقال : "كل واحدة منه ذرة " والأول هو المشهور ؛ لأن النملة يضرب بها المثل في القلة ، وأصغر ما تكون إذا مر عليها حول ، قالوا لأنها حينئذ تصغر جدا ، قال حسان :


1584 - لو يدب الحولي من ولد الذر ر عليها لأندبتها الكلوم



[ ص: 684 ] وقال امرؤ القيس :


1585 - من القاصرات الطرف لو دب محول     من الذر فوق الإتب منها لأثرا



قوله تعالى : وجئنا بك في هذه الجملة ثلاثة أوجه ، أظهرها : أنها في محل جر عطفا على "جئنا " الأولى أي : فكيف تصنعون في وقت المجيئين ؟ . والثاني : أنها في محل نصب على الحال ، و "قد " مرادة معها ، والعامل فيها "جئنا " الأولى أي : جئنا من كل أمة بشهيد وقد جئنا ، وفيه نظر . والثالث : أنها مستأنفة فلا محل لها . قال أبو البقاء : "ويجوز أن يكون مستأنفا ، ويكون الماضي بمعنى المستقبل " . انتهى . وإنما احتاج إلى ذلك لأن المجيء بعد لم يقع ، فادعى ذلك ، والله أعلم . و على هؤلاء متعلق بـ "شهيدا " و "على " على بابها وقيل : هي بمعنى اللام وفيه بعد ، وأجيز أن تكون "على " متعلقة بمحذوف على أنها حال من "شهيدا " ، وفيه بعد ، و " شهيدا " حال من الكاف في "بك " .

التالي السابق


الخدمات العلمية