صفحة جزء
آ . (49) وقوله تعالى : ألم تر : تقدم مثله ، و "بل " إضراب عن [ ص: 702 ] تزكيتهم أنفسهم . وقدر : أبو البقاء قبل هذا الإضراب جملة قال : "تقديره : أخطؤوا بل الله يزكي من يشاء .

وقوله : ولا يظلمون يجوز أن يكون حالا مما تقدم ، وأن يكون مستأنفا ، والضمير في " يظلمون "يجوز أن يعود على من يشاء " أي : لا ينقص من تزكيتهم شيئا ، وإنما جمع الضمير حملا على معنى "من " ، وأن يعود على الذين يزكون ، وأن يعود على القبيلين : من زكى نفسه ومن زكاه الله ، فذاك لا ينقص من عقابه شيئا ، وهذا لا ينقص من ثوابه شيئا . والأول أظهر ؛ لأن "من " أقرب مذكور ، ولأن "بل " إضراب منقطع ما بعدها عما قبلها . وقال أبو البقاء : "ويجوز أن يكون مستأنفا أي : من زكى نفسه ، ومن زكاه الله " انتهى ، فجعل عود الضمير على الفريقين بناء على وجه الاستئناف ، وهذا غير لازم ، بل يجوز عوده عليهما والجملة حالية .

و فتيلا مفعول ثان ، لأن الأول قام مقام الفاعل ، ويجوز أن يكون نعت مصدر محذوف ، كما تقدم تقريره في مثقال ذرة . والفتيل : خيط رقيق في شق النواة ، يضرب به المثل في القلة ، وقيل : هو ما خرج من بين إصبعيك أو كفيك من الوسخ حين تفتلهما ، فهو فعيل بمعنى مفعول ، وقد ضربت العرب المثل في القلة التافهة بأربعة أشياء اجتمعن في النواة ، وهي : الفتيل والنقير - وهو النقرة التي في ظهر النواة - والقطمير - وهو القشر الرقيق فوقها - وهذه الثلاثة واردة في الكتاب العزيز ، والثفروق - وهو ما بين النواة والقمع الذي يكون في رأس التمرة كالعلاقة بينهما - .

التالي السابق


الخدمات العلمية