صفحة جزء
آ. ( 60 ) يزعمون : مثل ظن وأخواتها بشرط ألا تكون بمعنى كفل، ولا كذب، ولا سمن، ولا هزل، و "أن" سادة مسد مفعوليها. وقرأ الجمهور: "أنزل إليك وما أنزل من قبلك" مبنيا للمفعول، وقرئا مبنيين [ ص: 14 ] للفاعل وهو الله تعالى. والزعم - بفتح الزاي وضمها وكسرها - مصدر زعم، وهو قول يقترن به اعتقاد ظني، قال:


1599 - فإن تزعميني كنت أجهل فيكم فإني شريت الحلم بعدك بالجهل



قال ابن دريد: أكثر ما يقع على الباطل. وقال عليه السلام: " بئس مطية الرجل زعموا "، وقال الأعشى:


1600 - ونبئت قيسا ولم أبله     كما زعموا خير أهل اليمن



فقال الممدوح: وما هو إلا الزعم. وحرمه ولم يعطه شيئا. [ وذكر صاحب " العين " أنها تقع غالبا على أن، قال: وقد تقع في الشعر على الاسم، وأنشد بيت أبي ذؤيب، وقول الآخر ]:


1601 - زعمتني شيخا ولست بشيخ     إنما الشيخ من يدب دبيبا



وتكون "زعم" بمعنى "ظن"، فتتعدى لاثنين، وبمعنى "كفل" فتتعدى لواحد، ومنه: وأنا به زعيم ، وبمعنى "رأس"، وبمعنى "سمن" و "هزل" فلا تتعدى.

[ ص: 15 ] قوله: "يريدون" حال من فاعل "يزعمون"، أو من "الذين يزعمون"، وقوله: "وقد أمروا" حال من فاعل "يريدون"، فهما حالان متداخلان، و "أن يكفروا" في محل نصب فقط إن قدرت تعدية "أمر" إلى الثاني بنفسه، وإلا ففيها الخلاف المشهور، والضمير في "به" عائد على الطاغوت، وقد تقدم أنه يذكر ويؤنث، وما قال الناس فيه في البقرة. وقرأ عباس بن الفضل : "أن يكفروا بهن" بضمير جمع التأنيث.

قوله: أن يضلهم ضلالا ، في "ضلالا" ثلاثة أقوال، أحدهما: أنه مصدر على غير الصدر، نحو: أنبتكم من الأرض نباتا ، والأصل "إضلال" و "إنبات"، فهو اسم مصدر لا مصدر. والثاني: أنه مصدر لمطاوع "أضل"؛ أي: أضلهم فضلوا ضلالا. والثالث: أن يكون من وضع أحد المصدرين موضع الآخر. وقد تقدم الكلام على "تعالوا" في آل عمران، وما قال الناس فيها، وقراءة الحسن وتوجيهها، فعليك بالالتفات إليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية