آ. ( 65 ) قوله تعالى:
فلا وربك لا يؤمنون : في هذه المسألة أربعة أقوال، أحدها - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير -: أن "لا" الأولى رد لكلام تقدمها، تقديره: فلا تعقلون، أو: ليس الأمر كما يزعمون من أنهم آمنوا بما أنزل إليك، ثم استأنف قسما بعد ذلك، فعلى هذا يكون الوقف على "لا" تاما. الثاني: أن "لا" الأولى قدمت على القسم اهتماما بالنفي، ثم كررت توكيدا، وكان يصح إسقاط الأولى ويبقى [ معنى ] النفي، ولكن تفوت الدلالة على الاهتمام المذكور، وكان يصح إسقاط الثانية ويبقى معنى الاهتمام، ولكن تفوت الدلالة على النفي، فجمع بينهما لذلك. الثالث: أن الثانية زائدة، والقسم معترض بين حرف النفي والمنفي، وكأن التقدير: فلا يؤمنون وربك. الرابع: أن الأولى زائدة، والثانية غير زائدة، وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري، فإنه قال: "لا" مزيدة لتأكيد معنى القسم، كما زيدت في
لئلا يعلم ؛ لتأكيد وجوب العلم، و
"لا يؤمنون" جواب القسم، فإن قلت: هلا زعمت أنها زيدت لتظاهر "لا" في
"لا يؤمنون". قلت: يأبى ذلك استواء النفي والإثبات فيه، وذلك قوله:
فلا أقسم بما تبصرون [ ص: 20 ] وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم ، يعني: أنه قد جاءت "لا" قبل القسم، حيث لم تكن "لا" موجودة في الجواب،
nindex.php?page=showalam&ids=14423فالزمخشري يرى أن "لا" في قوله تعالى:
فلا أقسم بما تبصرون أنها زائدة أيضا لتأكيد معنى القسم، وهو أحد القولين، والقول الآخر كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري المتقدم، ومثل الآية في التخاريج المذكورة قول الآخر:
1603 - فلا والله لا يلفى لما بي ولا للما بهم أبدا دواء
قوله:
حتى يحكموك : "حتى" غاية متعلقة بقوله:
"لا يؤمنون"؛ أي: ينتفي عنهم الإيمان إلى هذه الغاية، وهي تحكيمك وعدم وجدانهم الحرج وتسليمهم لأمرك. والتفت في قوله: "ربك" من الغيبة في قوله:
واستغفر لهم الرسول رجوعا إلى قوله: "ثم جاؤوك". وقرأ
أبو السمال : "شجر" بسكون الجيم هربا من توالي الحركات وهي ضعيفة؛ لأن الفتح أخو السكون. و "بينهم" ظرف منصوب بـ "شجر"، هذا هو الصحيح، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء فيه أن يكون حالا، وجعل في صاحب هذه الحال احتمالين، أحدهما: أن يكون حالا من "ما" الموصولة، والثاني: أنه حال من فاعل "شجر" وهو نفس الموصول أيضا في المعنى، فعلى هذا يتعلق بمحذوف، و
"ثم لا يجدوا" عطف على ما بعد "حتى"، و "يجدوا" يحتمل أن تكون المتعدية لاثنين، فيكون الأول "حرجا"، والثاني الجار قبله فيتعلق بمحذوف، وأن تكون المتعدية لواحد، فيجوز في "في أنفسهم" وجهان، أحدهما: أنه متعلق بـ "يجدوا" تعلق الفضلات.
[ ص: 21 ] والثاني: أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من
"حرجا"؛ لأن صفة النكرة لما قدمت عليها انتصبت حالا.
و
"مما قضيت" فيه وجهان، أحدهما: أنه متعلق بنفس "حرجا"؛ لأنك تقول: "خرجت من كذا". والثاني: أنه متعلق بمحذوف، فهو في محل نصب؛ لأنه صفة لـ "حرجا". و "ما" يجوز أن تكون مصدرية، وأن تكون بمعنى الذي؛ أي: حرجا من قضائك، أو من الذي قضيته، وأن تكون نكرة موصوفة، فالعائد على هذين القولين محذوف.