آ. ( 66 ) قوله تعالى:
أن اقتلوا "أن" فيها وجهان، أحدهما: أنها المفسرة؛ لأنها أتت بعد "ما"، هو بمعنى القول لا حروفه، وهذا أظهر. والثاني: أنها مصدرية، وما بعدها من فعل الأمر صلتها. وفيه إشكال من حيث إنه إذا سبك منها ومما بعدها مصدر، فأتت الدلالة على الأمر، ألا ترى أنك إذا قلت: "كتبت إليه أن قم" فيه من الدلالة على طلب القيام بطريق الأمر ما لا في قولك: "كتبت إليه القيام"، ولكنهم جوزوا ذلك، واستدلوا بقولهم: "كتبت إليه بأن قم"، ووجه الدلالة أن حرف الجر لا يعلق، وتحرير المبحث في ذلك في " الشرح الكبير للتسهيل ".
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بكسر نون "أن"، وضم واو "أو"، وكسرهما
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم، وضمهما باقي السبعة، فالكسر على أصل التقاء الساكنين، والضم للاتباع للثالث؛ إذ هو مضموم ضمة لازمة، وإنما فرق
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو؛ لأن الواو أخت الضمة، وقد تقدم تحقيق ذلك في البقرة عند قوله:
فمن اضطر .
[ ص: 22 ]
قوله:
"ما فعلوه" الهاء يحتمل أن تكون ضمير مصدر
"اقتلوا" أو
"اخرجوا"؛ أي: ما فعلوا القتل أو ما فعلوا الخروج. وقد أبعد فخر الدين الرازي، حيث زعم أنها تعود إليهما معا، لنبو الصناعة عنه. [ وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء وجها رابعا ]: وهو أن يعود على المكتوب، ودل عليه
"كتبنا".
قوله:
"إلا قليل" رفعه من وجهين، أحدهما: أنه بدل من فاعل "فعلوه"، وهو المختار على النصب؛ لأن الكلام غير موجب. الثاني: أنه معطوف على ذلك الضمير المرفوع، و "إلا" حرف عطف، وهذا رأي الكوفيين، ولهذه المسألة موضوع غير هذا. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر وجماعة: "إلا قليلا" نصبا، وفيه وجهان، أشهرهما: أنه نصب على الاستثناء، وإن كان الاختيار الرفع؛ لأن المعنى موجود معه كما هو موجود مع النصب، ويزيد عليه بموافقة اللفظ. والثاني: أنه صفة لمصدر محذوف تقديره: "إلا فعلا قليلا" قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري، وفيه نظر؛ إذ الظاهر أن "منهم" صفة لـ "قليلا"، ومتى حمل القليل على غير الأشخاص يقلق هذا التركيب؛ إذ لا فائدة حينئذ في ذكر "منهم".
قوله:
ولو أنهم فعلوا قد تقدم الكلام على نظير هذه المسألة في مواضع، و "ما" في
"ما يوعظون" موصولة اسمية. والباء في "به" تحتمل أن تكون المعدية دخلت على الموعوظ به، والموعوظ به على هذا هو التكاليف من الأوامر والنواهي، وتسمى أوامر الله تعالى ونواهيه مواعظ؛ لأنها مقترنة
[ ص: 23 ] بالوعد والوعيد، وأن تكون للسببية، والتقدير: ما يوعظون بسببه؛ أي: بسبب تركه، ودل على الترك المحذوف قوله:
"ولو أنهم فعلوا"، واسم "كان" ضمير عائد على الفعل المفهوم من قوله:
ولو أنهم فعلوا ؛ أي: لكان فعل ما يوعظون به، و
"خيرا" خبرها، و
"تثبيتا" تمييز لـ "أشد".