صفحة جزء
آ. ( 112 ) قوله تعالى: ثم يرم به : في هذه الهاء أقوال، أحدها: أنها تعود على "إثما"، والمتعاطفان بـ "أو": يجوز أن يعود الضمير على المعطوف كهذه الآية، وعلى المعطوف عليه، كقوله: وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها . والثاني: أنها تعود على الكسب المدلول عليه بالفعل، نحو: اعدلوا هو أقرب للتقوى . الثالث: أنها تعود على أحد المذكورين الدال عليه العطف بـ "أو"، فإنه في قوة "ثم يرم بأحد المذكورين". الرابع: أن في الكلام حذفا، والأصل: ومن يكسب خطيئة ثم يرم بها، وهذا كما قيل في قوله: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها ؛ أي: يكنزون الذهب ولا ينفقونه. و "أو" هنا لتفصيل المبهم، وتقدم له نظائر. وقرأ معاذ بن جبل : "يكسب" بكسر الكاف وتشديد السين، وأصلها: يكتسب، فأدغمت تاء الافتعال في السين وكسرت الكاف اتباعا، وهذا شبيه بـ "يخطف"، وقد تقدم توجيهه في البقرة. والزهري: "خطية" بالتشديد، وهو قياس تخفيفها.

قوله: ولولا فضل الله في جواب "لولا" وجهان، أظهرهما: أنه مذكور، وهو قوله: "لهمت". والثاني: أنه محذوف؛ أي: لأضلوك، ثم استأنف جملة، فقال: "لهمت"؛ أي: لقد همت. قال أبو البقاء في هذا الوجه: ومثل حذف الجواب هنا حذفه في قوله: ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله [ ص: 89 ] تواب حكيم وكأن الذي قدر الجواب محذوفا، استشكل كون قوله: "لهمت" جوابا؛ لأن اللفظ يقتضي انتفاء همهم بذلك، والغرض أن الواقع كونهم هموا على ما يروى في القصة؛ فلذك قدره محذوفا، والذي جعله مثبتا أجاب عن ذلك بأحد وجهين: إما بتخصيص الهم؛ أي: لهمت هما يؤثر عندك، وإما بتخصيص الإضلال؛ أي: يضلونك عن دينك وشريعتك، وكلا هذين الهمين لم يقع. و "أن يضلوك" على حذف الباء؛ أي: بأن يضلوك، ففي محلها الخلاف المشهور، و "من" في "من شيء" زائدة، و "شيء" يراد به المصدر؛ أي: وما يضرونك ضررا قليلا ولا كثيرا.

التالي السابق


الخدمات العلمية