صفحة جزء
آ. ( 75 ) قوله تعالى: ما المسيح ابن مريم إلا رسول : كقوله: وما محمد إلا رسول . و "قد خلت" صفة له كما في الآية الأخرى. وتقدم معنى الحصر. وقوله: "وأمه صديقة" ابتداء وخبر، ولا محل لهذه الجملة من الإعراب. و "صديقة" تأنيث "صديق" وهو بناء مبالغة، كفعال وفعول، إلا أنه لا يعمل عمل أمثلة المبالغة، فلا يقال: زيد شريب العسل، كما يقال: شراب العسل، وإن كان القياس إعماله، وهل هو من "صدق" الثلاثي، أو من "صدق" مضعفا ؟ القياس يقتضي الأول؛ لأن أمثلة المبالغة تطرد من الثلاثي دون الرباعي، فإنه لم يجئ منه إلا القليل. وقال الزمخشري : إنه من التصديق، وكذا ابن عطية ، إلا أنه جعله محتملا، وهذا واضح لقوله: وصدقت بكلمات ربها ، فقد صرح بالفعل المسند إليها مضعفا.

وقوله: "كانا يأكلان الطعام" لا محل له؛ لأنه استئناف وبيان، لكونهما كسائر البشر في احتياجهما إلى ما يحتاج إليه كل جسم مولد، والإله الحق منزه عن ذلك. وقال بعضهم: هو كناية عن احتياجهما إلى التغوط، ولا حاجة إليه. قوله: "كيف" منصوب بقوله: "نبين" بعده، وتقدم ما فيه في قوله: "كيف تكفرون" وغيره، ولا يجوز أن يكون معمولا لما قبله؛ لأن له صدر الكلام، وهذه الجملة الاستفهامية في محل نصب؛ لأنها معلقة للفعل قبلها. وقوله: "ثم انظر أنى يؤفكون" كالجملة قبلها، و "أنى" بمعنى: كيف، و "يؤفكون" ناصب لـ "أنى"، و "يؤفكون" بمعنى: يصرفون. [ ص: 379 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية