آ. ( 65 ) قوله:
عذابا من فوقكم يجوز أن يكون الظرف متعلقا بـ "نبعث"، وأن يكون متعلقا بمحذوف على أنه صفة لـ "عذابا"؛ أي: عذابا كائنا من هاتين الجهتين.
قوله:
"أو يلبسكم" عطف على "يبعث". والجمهور على فتح الياء من "يلبسكم"، وفيه وجهان، أحدهما: أنه بمعنى يخلطكم فرقا مختلفين على أهواء شتى، كل فرقة مشايعة لإمام، ومعنى خلطهم: إنشاب القتال بينهم، فيختلطوا في ملاحم القتال، كقول
الحماسي: [ ص: 671 ] 1941 - وكتيبة لبستها بكتيبة حتى إذا التبست نفضت لها يدي
فتركتهم تقص الرماح ظهورهم ما بين منعفر وآخر مسند
وهذه عبارة
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري، فجعله من اللبس الذي هو الخلط، وبهذا التفسير الحسن ظهر تعدي "يلبس" إلى المفعول. و "شيعا" نصب على الحال، وهي جمع شيعة، كسدرة وسدر. وقيل: "شيعا" منصوب على المصدر من معنى الفعل الأول؛ أي: إنه مصدر على غير الصدر كقعدت جلوسا. قال الشيخ: "ويحتاج في جعله مصدرا إلى نقل من اللغة". ويجوز على هذا أيضا أن يكون حالا كأتيته ركضا؛ أي: راكضا أو ذا ركض. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : "والجمهور على فتح الياء؛ أي: يلبس عليكم أموركم، فحذف حرف الجر والمفعول، والأجود أن يكون التقدير: أو يلبس أموركم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه"، وهذا كله حاجة إليه لما عرفت من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري.
وقرأ
أبو عبد الله المدني: "يلبسكم" بضم الياء من "ألبس" رباعيا، وفيه وجهان، أحدهما: أن يكون المفعول الثاني محذوفا، تقديره: أو يلبسكم الفتنة. و "شيعا" على هذا حال؛ أي: يلبسكم الفتنة في حال تفرقكم وشتاتكم. والثاني: أن يكون "شيعا" هو المفعول الثاني، كأنه جعل الناس يلبسون بعضهم مجازا، كقوله:
1942 - لبست أناسا فأفنيتهم وأفنيت بعد أناس أناسا [ ص: 672 ]
والشيعة: من يتقوى بهم الإنسان، والجمع: "شيع" كما تقدم، وأشياع، كذا قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب، والظاهر أن أشياعا جمع شيع، كعنب وأعناب، وضلع وأضلاع، وشيع جمع شيعة، فهو جمع الجمع.
قوله: "ويذيق" نسق على "يبعث"، والإذاقة: استعارة، وهي فاشية:
"ذوقوا مس سقر"، "ذق إنك"، "فذوقوا العذاب"، وقال:
1943 - أذقناهم كؤوس الموت صرفا وذاقوا من أسنتنا كؤوسا
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش: "ونذيق" بنون العظمة، وهو التفات فائدته تعظيم الأمر والتحذير من سطوته.