صفحة جزء
[ ص: 297 ] يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون

قوله تعالى: يسألونك عن الساعة في سبب نزولها قولان .

أحدهما: أن قوما من اليهود قالوا: يا محمد أخبرنا متى الساعة؟ فنزلت هذه الآية ، قاله ابن عباس .

والثاني: أن قريشا قالت: يا محمد ، بيننا وبينك قرابة ، فبين لنا متى الساعة؟ فنزلت هذه الآية ، قاله قتادة . وقال عروة: الذي سأله عن الساعة عتبة بن ربيعة . والمراد بالساعة هاهنا التي يموت فيها الخلق .

قوله تعالى: أيان مرساها قال أبو عبيدة: أي: متى مرساها؟ أي: منتهاها . ومرسا السفينة: حيث تنتهي . وقال ابن قتيبة: "أيان" بمعنى: متى; و"متى" بمعنى: أي حين ، ونرى أن أصلها: أي أوان ، فحذفت الهمزة [والواو] ، وجعل الحرفان واحدا ، ومعنى الآية: متى ثبوتها؟ يقال: رسا في الأرض ، أي: ثبت ، ومنه قيل للجبال: رواسي . قال الزجاج : ومعنى الكلام: متى وقوعها؟

قوله تعالى: قل إنما علمها عند ربي أي: قد استأثر بعلمها لا يجليها أي: لا يظهرها في وقتها إلا هو .

قوله تعالى: ثقلت في السماوات والأرض فيه أربعة أقوال . [ ص: 298 ] أحدها: ثقل وقوعها على أهل السماوات والأرض ، قاله ابن عباس ، ووجهه أن الكل يخافونها ، محسنهم ومسيئهم .

والثاني: عظم شأنها في السماوات والأرض ، قاله عكرمة ، ومجاهد ، وابن جريج .

والثالث: خفي أمرها ، فلم يعلم متى كونها ، قاله السدي .

والرابع: أن "في" بمعنى "على" فالمعنى: ثقلت على السماوات والأرض ، قاله قتادة .

قوله تعالى: لا تأتيكم إلا بغتة أي . فجأة .

قوله تعالى: كأنك حفي عنها فيه أربعة أقوال .

أحدها: أنه من المقدم والمؤخر ، فتقديره: يسألونك عنها كأنك حفي ، أي: بر بهم ، كقولهم: إنه كان بي حفيا [مريم:47] . قال العوفي عن ابن عباس ، وأسباط عن السدي: كأنك صديق لهم .

والثاني: كأنك حفي بسؤالهم ، مجيب لهم . قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: كأنك يعجبك سؤالهم . وقال خصيف عن مجاهد: كأنك تحب أن يسألوك عنها . وقال الزجاج : كأنك فرح بسؤالهم .

والثالث: كأنك عالم بها ، قاله الضحاك عن ابن عباس ، وهو قول ابن زيد ، والفراء . [ ص: 299 ] والرابع: كأنك استحفيت السؤال عنها حتى علمتها ، قاله ابن أبي نجيح عن مجاهد . وقال عكرمة: كأنك سؤول عنها . وقال ابن قتيبة: كأنك معني بطلب علمها . وقال ابن الأنباري: فيه تقديم وتأخير ، تقديره: يسألونك عنها كأنك حفي بها ، والحفي في كلام العرب: المعني .

قوله تعالى: قل إنما علمها عند الله أي: لا يعلمها إلا هو ولكن أكثر الناس لا يعلمون قال مقاتل في آخرين: المراد بالناس هاهنا أهل مكة . وفي قوله: لا يعلمون قولان . أحدهما: لا يعلمون أنها كائنة ، قاله مقاتل . والثاني: لا يعلمون أن هذا مما استأثر الله بعلمه ، قاله أبو سليمان الدمشقي .

التالي السابق


الخدمات العلمية