صفحة جزء
وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون [ ص: 309 ] قوله تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ قال ابن زيد: لما نزلت "خذ العفو" قال النبي صلى الله عليه وسلم "يا رب كيف بالغضب"؟ فنزلت هذه الآية . فأما قوله "وإما" فقد سبق بيانه في سورة [البقرة] في قوله: فإما يأتينكم مني هدى [البقرة:38] ، وقال أبو عبيدة: ومجاز الكلام: وإما تستخفنك منه خفة وغضب وعجلة . وقال السدي: النزغ: الوسوسة وحديث النفس . قال الزجاج : النزغ: أدنى حركة تكون ، تقول: قد نزغته: إذا حركته . وقد سبق معنى الاستعاذة .

قوله تعالى: ( إذا مسهم طيف ) قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، والكسائي: "طيف" بغير ألف . وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة: "طائف" بألف ممدودا مهموزا . وقرأ ابن عباس ، وابن جبير ، والجحدري ، والضحاك: "طيف" بتشديد الياء من غير ألف . وهل الطائف والطيف بمعنى واحد ، أم يختلفان؟ فيه قولان .

أحدهما: أنهما بمعنى واحد ، وهما ما كان كالخيال والشيء يلم بك ، حكي عن الفراء . وقال الأخفش: الطيف أكثر في كلام العرب من الطائف ، قال الشاعر:


ألا بالقوم لطيف الخيال أرق من نازح ذي دلال



والثاني: أن الطائف: ما يطوف حول الشيء ، والطيف اللمة والوسوسة [ ص: 310 ] والخطرة ، حكي عن أبي عمرو وروي عن ابن عباس أنه قال: الطائف: اللمة من الشيطان ، والطيف: الغضب . وقال ابن الأنباري: الطائف: الفاعل من الطيف; والطيف عند أهل اللغة: اللمم من الشيطان; وزعم مجاهد أنه الغضب .

قوله تعالى: تذكروا فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: تذكروا الله إذا هموا بالمعاصي فتركوها ، قاله مجاهد .

والثاني: تفكروا فيما أوضح الله لهم من الحجة ، قاله الزجاج .

والثالث: تذكروا غضب الله; والمعنى: إذا جرأهم الشيطان على ما لا يحل ، تذكروا غضب الله ، أمسكوا ، فإذا هم مبصرون لمواضع الخطإ بالتفكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية