صفحة جزء
ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون

قوله تعالى: ليميز الله الخبيث من الطيب قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، "ليميز" خفيفة . وقرأ حمزة ، والكسائي "ليميز" بالتشديد وهما لغتان: مزته وميزته . وفي لام "ليميز" قولان . [ ص: 356 ] أحدهما: أنها متعلقة بقوله: "فسينفقونها" قاله ابن الأنباري .

والثاني: أنها متعلقة بقوله: "إلى جهنم يحشرون" ، قاله ابن جرير الطبري . وفي معنى الآية ثلاثة أقوال .

أحدها: ليميز أهل السعادة من أهل الشقاء ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . وقال السدي ، ومقاتل: يميز المؤمن من الكافر .

والثاني: ليميز العمل الطيب من العمل الخبيث ، قاله أبو صالح عن ابن عباس .

والثالث: ليميز الإنفاق الطيب في سبيله ، من الإنفاق الخبيث في سبيل الشيطان ، قاله ابن زيد ، والزجاج .

قوله تعالى: ويجعل الخبيث بعضه على بعض أي: يجمع بعضه فوق بعض ، وهو قوله: فيركمه قال الزجاج : الركم: أن يجعل بعض الشيء على بعض ، يقال: ركمت الشيء أركمه ركما; والركام: الاسم; فمن قال: المراد بالخبيث: الكفار ، فإنهم في النار بعضهم على بعض; ومن قال: أموالهم ، فله في ذلك قولان .

أحدهما: أنها ألقيت في النار ليعذب بها أربابها ، كما قال تعالى: فتكوى بها جباههم [التوبة:35] .

والثاني: أنهم لما عظموها في الدنيا ، أراهم هوانها بإلقائها في النار كما تلقى الشمس والقمر في النار ، ليرى من عبدهما ذلهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية