صفحة جزء
[ ص: 364 ] وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور

قوله تعالى: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا قال مقاتل: صدق الله رؤيا رسوله التي أخبر بها المؤمنين عن قلة عدوهم قبل لقائهم ، بأن قللهم وقت اللقاء في أعينهم . وقال ابن مسعود: لقد قلوا في أعيننا ، حتى قلت لرجل إلى جانبي: أتراهم سبعين؟ قال أراهم مائة; حتى أخذنا رجلا منهم ، فسألناه ، فقال: كنا ألفا . قال أبو صالح عن ابن عباس: استقل المسلمون المشركين ، والمشركون المسلمين ، فاجترأ بعضهم على بعض .

فإن قيل: ما فائدة تكرير الرؤية هاهنا ، وقد ذكرت في قوله: إذ يريكهم الله ؟ فعنه جوابان .

أحدهما: أن الأولى كانت في المنام ، والثانية في اليقظة .

والثاني: أن الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، والثانية له ولأصحابه: فإن قيل: تكثير المؤمنين في أعين الكافرين أولى ، لمكان إعزازهم . فعنه ثلاثة أجوبة .

أحدها: أنهم لو كثروا في أعينهم ، لم يقدموا عليهم ، فلم يكن قتال; والقتال سبب النصر ، فقللهم لذلك .

والثاني: أنه قللهم لئلا يتأهب المشركون كل التأهب; فإذا تحقق القتال ، وجدهم المسلمون غير مستعدين ، فظفروا بهم .

والثالث: أنه قللهم ليحمل الأعداء عليهم في كثرتهم ، فيغلبهم المسلمون ، فيكون ذلك آية للمشركين ومنبها على نصرة الحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية