صفحة جزء
ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق

قوله تعالى: ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة قرأ الجمهور "يتوفى" بالياء . ؟ وقرأ ابن عامر "تتوفى" بتاءين . قال المفسرون: نزلت في الرهط الذين قالوا: "غر هؤلاء دينهم" . وفي المراد بالملائكة ثلاثة أقوال .

أحدها: ملك الموت وحده ، قاله مقاتل . والثاني: ملائكة العذاب ، قاله أبو سليمان الدمشقي . والثالث: الملائكة الذين قاتلوا يوم بدر ، ذكره الماوردي .

وفي قوله: يضربون وجوههم وأدبارهم أربعة أقوال .

أحدها: يضربون وجوههم ببدر لما قاتلوا ، وأدبارهم لما انهزموا . [ ص: 369 ] والثاني: أنهم جاؤوهم من بين أيديهم ومن خلفهم ، فالذين أمامهم ضربوا وجوههم ، والذين وراءهم ضربوا أدبارهم .

والثالث: يضربون وجوههم يوم القيامة إذا لقوهم ، وأدبارهم إذا ساقوهم إلى النار .

والرابع: أنهم يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت بسياط من نار . وهل المراد نفس الوجوه والأدبار ، أم المراد ما أقبل من أبدانهم وأدبر؟ فيه قولان .

وفي قوله: وذوقوا عذاب الحريق قولان .

أحدهما: أنه في الدنيا; وفيه إضمار "يقولون" فالمعنى: يضربون ويقولون ، كقوله: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل [البقرة:127] ربنا أي: ويقولان . قال النابغة:


كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن



والمعنى: كأنك جمل من جمال لبني أقيش ، هذا قول الفراء وأبي عبيدة .

والثاني: أن الضرب لهم في الدنيا ، فإذا وردوا يوم القيامة إلى النار ، قال خزنتها: ذوقوا عذاب الحريق ، هذا قول مقاتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية