صفحة جزء
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم

[ ص: 398 ] قوله تعالى: فإذا انسلخ الأشهر الحرم فيها قولان .

أحدهما: أنها رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، قاله الأكثرون .

والثاني: أنها الأربعة الأشهر التي جعلت لهم فيها السياحة ، قاله الحسن في آخرين ، فعلى هذا ، سميت حرما لأن دماء المشركين حرمت فيها .

قوله تعالى: فاقتلوا المشركين أي: من لم يكن له عهد حيث (وجدتموهم) قال ابن عباس : في الحل والحرم والأشهر الحرم .

قوله تعالى: وخذوهم أي: ائسروهم; والأخيذ: الأسير . واحصروهم أي: احبسوهم; والحصر: الحبس . قال ابن عباس : إن تحصنوا فاحصروهم .

قوله تعالى: واقعدوا لهم كل مرصد قال الأخفش: أي: على كل مرصد; فألقى "على" وأعمل الفعل ، قال الشاعر:


نغالي اللحم للأضياف نيئا ونرخصه إذا نضج القدور



المعنى: نغالي باللحم فحذف الباء كما حذف "على" . وقال الزجاج : "كل مرصد" ظرف ، كقولك: ذهبت مذهبا ، فلست تحتاج أن تقول في هذه الآية إلا ما تقوله في الظروف ، مثل: خلف وقدام .

قوله تعالى: فإن تابوا أي: من شركهم .

وفي قوله: وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة قولان .

أحدهما: اعترفوا بذلك . والثاني: فعلوه .

فصل

واختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على ثلاثة أقوال .

[ ص: 399 ] أحدها: أن حكم الأسارى كان وجوب قتلهم ، ثم نسخ بقوله: فإما منا بعد وإما فداء [محمد:4] ، قاله الحسن ، وعطاء في آخرين .

والثاني: بالعكس ، وأنه كان الحكم في الأسارى: أنه لا يجوز قتلهم صبرا ، وإنما يجوز المن أو الفداء بقوله: فإما منا بعد وإما فداء ثم نسخ بقوله: فاقتلوا المشركين قاله مجاهد ، وقتادة .

والثالث: أن الآيتين محكمتان ، والأسير إذا حصل في يد الإمام فهو مخير ، إن شاء من عليه ، وإن شاء فاداه ، وإن شاء قتله صبرا ، أي ذلك رأي فيه المصلحة للمسلمين فعل هذا ، قول جابر بن زيد ، وعليه عامة الفقهاء ، وهو قول الإمام أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية