صفحة جزء
كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون

قوله تعالى: كيف وإن يظهروا عليكم قال الزجاج : المعنى: كيف يكون لهم عهد وأن يظهروا عليكم ، فحذف ذلك ، لأنه قد سبق ، قال الشاعر:


وخبرتماني أنما الموت بالقرى فكيف وهذي هضبة وقليب



أي: فكيف مات وليس بقرية؟ ومثله قول الحطيئة:


فكيف ولم أعلمهم خذلوكم     على معظم ولا أديمكم قدوا



أي: فكيف تلومونني على مدح قوم؟ واستغني عن ذكر ذلك ، لأنه قد جرى في القصيدة ما يدل على ما أضمر . وقوله: يظهروا يعني: يقدروا ويظفروا .

وفي قوله: لا يرقبوا ثلاثة أقوال .

أحدها: لا يحفظوا . والثاني: لا يخافوا ، قاله السدي . والثالث: لا يراعوا ، قاله قطرب .

وفي الإل خمسة أقوال .

[ ص: 402 ] أحدها: أنه القرابة ، رواه جماعة عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك ، والسدي ، ومقاتل ، والفراء ، وأنشدوا:


إن الوشاة كثير إن أطعتهم     لا يرقبون بنا إلا ولا ذمما



وقال الآخر:


لعمرك إن إلك من قريش     كإل السقب من رأل النعام



والثاني: أنه الجوار ، قاله الحسن .

والثالث: أنه الله تعالى ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وبه قال عكرمة .

والرابع: أنه العهد ، رواه خصيف عن مجاهد ، وبه قال ابن زيد وأبو عبيدة .

والخامس: أنه الحلف ، قاله قتادة . وقرأ عبد الله بن عمرو ، وعكرمة ، وأبو رجاء ، وطلحة بن مصرف: "إيلا" بياء بعد الهمزة . وقرأ ابن السميفع ، والجحدري: "ألا" بفتح الهمزة وتشديد اللام . وفي المراد بالذمة ثلاثة أقوال .

أحدها: أنها العهد ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، والضحاك في آخرين .

والثاني: التذمم ممن لا عهد له ، قاله أبو عبيدة ، وأنشد:


لا يرقبون بنا إلا ولا ذمما



والثالث: الأمان ، قاله اليزيدي ، واستشهد بقوله: "ويسعى بذمتهم أدناهم" .

[ ص: 403 ] قوله تعالى: يرضونكم بأفواههم فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: يرضونكم بأفواههم في الوفاء ، وتأبى قلوبهم إلا الغدر .

والثاني: يرضونكم بأفواههم في العدة بالإيمان ، وتأبى قلوبهم إلا الشرك .

والثالث: يرضونكم بأفواههم في الطاعة ، وتأبى قلوبهم إلا المعصية ، ذكرهن الماوردي .

قوله تعالى: وأكثرهم فاسقون قال ابن عباس : خارجون عن الصدق ، ناكثون للعهد .

التالي السابق


الخدمات العلمية