صفحة جزء
أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون

قوله تعالى: أم حسبتم أن تتركوا في المخاطب بهذا قولان .

أحدهما: أنهم المؤمنون ، خوطبوا بهذا حين شق على بعضهم القتال ، قاله الأكثرون .

والثاني: أنهم قوم من المنافقين كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج معه إلى الجهاد تعذيرا ، قاله ابن عباس . وإنما دخلت الميم في الاستفهام ، لأنه استفهام [ ص: 407 ] معترض في وسط الكلام ، فدخلت لتفرق بينه وبين الاستفهام المبتدإ . قال الفراء: ولو أريد به الابتداء ، لكان إما بالألف ، أو بـ "هل" ، ومعنى الكلام: أن تتركوا بغير امتحان يبين به الصادق من الكاذب ولما يعلم الله أي: ولم تجاهدوا فيعلم الله وجود ذلك منكم; وقد كان يعلم ذلك غيبا ، فأراد إظهار ما علم ليجازي على العمل .

فأما الوليجة ، فقال ابن قتيبة: هي البطانة من غير المسلمين ، وهو أن يتخذ الرجل من المسلمين دخيلا من المشركين وخليطا ووادا; وأصله من الولوج . قال أبو عبيدة: وكل شيء أدخلته في شيء ليس منه فهو وليجة ، والرجل يكون في القوم وليس منهم فهو وليجة فيهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية