صفحة جزء
قوله تعالى: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون .

قال الزجاج: كانت اليهود تزعم أن آباءها الأنبياء تشفع لهم يوم القيامة ، فآيسهم الله بهذه الآية من ذلك .

قوله تعالى: واتقوا يوما [فيه ] إضمار ، تقديره: اتقوا عذاب يوم ، أو ما في يوم . والمراد باليوم يوم القيامة و"تجزي" بمعنى تقضي . قال ابن قتيبة: يقال: جزى الأمر عني يجزي ، بغير همز ، أي: قضى عني ، وأجزأني بجزئني ، مهموز ، أي: كفاني .

قوله تعالى: نفس عن نفس قالوا المراد بالنفس هاهنا: النفس الكافرة ، فعلى هذا يكون من العام الذي أريد به الخاص .

[ ص: 77 ] قوله تعالى: ( ولا تقبل منها شفاعة ) .

قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتاء ، وقرأ الباقون بالياء ، إلا أن قتادة فتح الياء ، ونصب الشفاعة ، ليكون الفعل لله تعالى . قال أبو علي: من قرأ بالتاء ، فلأن الاسم الذي أسند إليه هذا الفعل مؤنث ، فيلزم أن يلحق المسند أيضا علامة التأنيث ، ومن قرأ بالياء ، فلأن التأنيث في الاسم الذي أسند إليه الفعل ليس بحقيقي ، فحمل على المعنى ، كما أن الوعظ والموعظة بمعنى واحد . وفي الآية إضمار ، تقديره: لا يقبل منها فيه شفاعة . والشفاعة مأخوذة من الشفع الذي يخالف الوتر ، وذلك أن سؤال الشفيع يشفع سؤال المشفوع له .

فأما "العدل" فهو الفداء ، وسمي عدلا ، لأنه يعادل المفدى . واختلف اللغويون: هل "العدل" و"العدل" بفتح العين وكسرها ، يختلفان ، أم لا؟ فقال الفراء: العدل بفتح العين: ما عادل الشيء من غير جنسه ، والعدل بكسرها: ما عادل الشيء من جنسه ، فهو المثل ، تقول: عندي عدل غلامك ، بفتح العين: إذا أردت قيمته من غير جنسه ، وعندي عدل غلامك ، بكسر العين: إذا كان غلام يعدل غلاما . وحكى الزجاج عن البصريين أن العدل والعدل في معنى المثل ، وأن المعنى واحد ، سواء كان المثل من الجنس أو من غير الجنس .

قوله تعالى: ولا هم ينصرون أي: يمنعون من عذاب الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية