صفحة جزء
وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون .

قوله تعالى: وإذ قتلتم نفسا هذه الآية مؤخرة في التلاوة ، مقدمة في المعنى ، لأن السبب في الأمر بذبح البقرة قتل النفس ، فتقدير الكلام: وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها ، فسألتم موسى فقال: إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة . ونظيرها قوله تعالى: ولم يجعل له عوجا قيما [ الكهف: 1 ] أراد: أنزل الكتاب قيما ، ولم يجعل له عوجا ، فأخر المقدم وقدم المؤخر ، لأنه من عادة العرب . قال الفرزدق:


إن الفرزدق صخرة ملمومة طالت فليس تنالها الأوعالا



أراد: طالت الأوعال . وقال جرير:


طاف الخيال وأين منك لماما     فارجع لزورك بالسلام سلاما

[ ص: 101 ] أراد: طاف الخيال لماما ، وأين هو منك؟ وقال الآخر:


خير من القوم العصاة أميرهم     يا قوم فاستحيوا النساء الجلس



أراد: خير من القوم العصاة النساء فاستحيوا من هذا .

ومعنى قوله: فادارأتم : اختلفتم ، قاله ابن عباس ومجاهد . وقال الزجاج: ادارأتم ، بمعنى: تدارأتم ، أي: تدافعتم ، وألقى بعضكم على بعض ، تقول: درأت فلانا: إذا دفعته ، وداريته: إذا لاينته ، ودريته إذا ختلته ، فأدغمت التاء في الدال ، لأنهما من مخرج واحد ، فأما الذي كتموه; فهو أمر القتيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية