صفحة جزء
وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون

قوله تعالى : " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه " أي : طلبت منه المواقعة ، وقد سبق اسمها . قال الزجاج : المعنى : راودته عما أرادته مما يريد النساء من الرجال . " وقالت هيت لك " قرأ ابن كثير : " هيت لك " بفتح الهاء وتسكين الياء وضم التاء . وقرأ نافع ، وابن عامر : " هيت لك " بكسر الهاء وتسكين الياء وفتح التاء . وهي مروية عن علي بن أبي طالب . وروى الحلواني عن هشام عن ابن عامر مثله ، إلا أنه همزه . قال أبو علي الفارسي : هو خطأ . وروي عن ابن عامر : " هئت لك " بكسر الهاء وهمز الياء وضم التاء ، وهي قراءة ابن عباس ، وأبي الدرداء ، وقتادة . قال الزجاج : هو من الهيئة ، كأنها قالت : تهيأت لك . وعن ابن محيصن ، وطلحة بن مصرف مثل قراءة ابن عباس ; [ ص: 202 ] إلا أنها بغير همز . وعن ابن محيصن بفتح الهاء وكسر التاء . وهي قراءة أبي رزين ، وحميد . وعن الوليد بن عتبة بكسر الهاء والتاء مع الهمز ، وهي قراءة أبي العالية . وقرأ ابن خثيم مثله ، إلا أنه لم يهمز . وعن الوليد بن مسلم عن نافع بكسر الهاء وفتح التاء مع الهمز . وقرأ ابن مسعود ، وابن السميفع ، وابن يعمر ، والجحدري : " هيئت لك " برفع الهاء والتاء وبياء مشددة مكسورة بعدها همزة ساكنة . وقرأ أبي بن كعب : " ها أنا لك " . وقرأ الباقون بفتح الهاء والتاء بغير همز . قال الزجاج : وهو أجود اللغات ، وأكثرها في كلام العرب ، ومعناها : هلم لك ، أي : أقبل على ما أدعوك إليه ، وقال الشاعر :


أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتيتا أن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا



أي : فأقبل وتعال . وقال ابن قتيبة : يقال هيت فلان لفلان : إذا دعاه وصاح به ، قال الشاعر :


قد رابني أن الكري أسكتا     لو كان معنيا بها لهيتا



أي : صار ذا سكوت . واختلف العلماء في قوله : " هيت لك " بأي لغة هي ، على أربعة أقوال :

أحدها : أنها عربية ، قاله مجاهد . وقال ابن الأنباري : وقد قيل : إنها من كلام [ ص: 203 ] قريش ، إلا أنها مما درس وقل في أفواههم آخرا ، فأتى الله به ، لأن أصله من كلامهم ، وهذه الكلمة لا مصدر لها ، ولا تصرف ، ولا تثنية ، ولا جمع ، ولا تأنيث ، يقال للاثنين : هيت لكما ، وللجميع : هيت لكم ، وللنسوة : هيت لكن .

والثاني : أنها بالسريانية ، قاله الحسن .

والثالث : بالحورانية ، قاله عكرمة ، والكسائي . وقال الفراء : يقال : إنها لغة لأهل حوران ، سقطت إلى أهل مكة فتكلموا بها .

والرابع : أنها بالقبطية ، قاله السدي .

قوله تعالى : " قال معاذ الله " قال الزجاج : هو مصدر ، والمعنى : أعوذ بالله أن أفعل هذا ، يقال عذت عياذا ومعاذا ومعاذة . " إنه ربي " أي : إن العزيز صاحبي " أحسن مثواي " ، قال : ويجوز أن يكون " إنه ربي " يعني الله عز وجل " أحسن مثواي " أي : تولاني في طول مقامي .

قوله تعالى : " إنه لا يفلح الظالمون " أي : إن فعلت هذا فخنته في أهله بعدما أكرمني فأنا ظالم . وقيل : الظالمون هاهنا : الزناة .

التالي السابق


الخدمات العلمية