صفحة جزء
[ ص: 317 ] له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال

قوله تعالى : " له دعوة الحق " فيه قولان :

أحدهما : أنها كلمة التوحيد ، وهي : لا إله إلا الله ، قاله علي ، وابن عباس ، والجمهور ، فالمعنى: له من خلقه الدعوة الحق ، فأضيفت الدعوة إلى الحق ، لاختلاف اللفظين .

والثاني : أن الله عز وجل هو الحق ، فمن دعاه دعا الحق ، قاله الحسن .

قوله تعالى : " والذين يدعون من دونه " يعني : الأصنام يدعونها آلهة . قال أبو عبيدة : المعنى : والذين يدعون غيره من دونه .

قوله تعالى : " لا يستجيبون لهم " أي : لا يجيبونهم .

قوله تعالى : " إلا كباسط كفيه إلى الماء " فيه خمسة أقوال :

أحدها : أنه العطشان يمد يده إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو ببالغه ، قاله علي عليه السلام ، وعطاء .

والثاني : أنه الرجل العطشان قد وضع كفيه في الماء وهو لا يرفعهما ، رواه العوفي عن ابن عباس .

والثالث : أنه العطشان يرى خياله في الماء من بعيد ، فهو يريد أن يتناوله فلا يقدر عليه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

والرابع : أنه الرجل يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا ، قاله مجاهد .

والخامس : أنه الباسط كفيه ليقبض على الماء حتى يؤديه إلى فيه ، لا يتم [ ص: 318 ] له ذلك ، والعرب تقول : من طلب ما لا يجد فهو القابض على الماء ، وأنشدوا :


وإني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله



أي : لم تحمله ، والوسق : الحمل ، وقال آخر :


فأصبحت مما كان بيني وبينها     من الود مثل القابض الماء باليد



هذا قول أبي عبيدة ، وابن قتيبة .

قوله تعالى : " وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ، فيه قولان :

أحدهما : وما دعاء الكافرين ربهم إلا في ضلال ، لأن أصواتهم محجوبة عن الله ، رواه الضحاك عن ابن عباس .

والثاني : وما عبادة الكافرين الأصنام إلا في خسران وباطل ، قاله مقاتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية