صفحة جزء
ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال

قوله تعالى : " ولله يسجد من في السماوات " أي : من الملائكة ، ومن في الأرض من المؤمنين " طوعا وكرها " .

وفي معنى سجود الساجدين كرها ثلاثة أقوال :

أحدها : أنه سجود من دخل في الإسلام بالسيف ، قاله ابن زيد .

والثاني : أنه سجود ظل الكافر ، قاله مقاتل .

[ ص: 319 ] والثالث : أن سجود الكاره تذلله وانقياده لما يريده الله منه من عافية ومرض وغنى وفقر .

قوله تعالى : " وظلالهم " أي : وتسجد ظلال الساجدين طوعا وكرها ، وسجودها : تمايلها من جانب إلى جانب ، وانقيادها للتسخير بالطول والقصر ، قال ابن الأنباري : قال اللغويون : الظل ما كان بالغدوات قبل انبساط الشمس ، والفيء ما كان بعد انصراف الشمس ، وإنما سمي فيئا ، لأنه فاء ، أي : رجع إلى الحال التي كان عليها قبل أن تنبسط الشمس ، وما كان سوى ذلك فهو ظل ، نحو ظل الإنسان ، وظل الجدار ، وظل الثوب ، وظل الشجرة ، قال حميد بن ثور :


فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء من برد العشي تذوق



وقال لبيد :


بينما الظل ظليل مونق     طلعت شمس عليه فاضمحل



وقال آخر :


أيا أثلات القاع من بطن توضح     حنيني إلى أظلالكن طويل



وقيل : إن الكافر يسجد لغير الله ، وظله يسجد لله . وقد شرحنا معنى الغدو والآصال في (الأعراف :7) .

التالي السابق


الخدمات العلمية