صفحة جزء
وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب

قوله تعالى : " وترى المجرمين " يعني : الكفار " مقرنين " يقال : قرنت الشيء إلى الشيء : إذا وصلته به .

[ ص: 377 ] وفي معنى " مقرنين " ثلاثة أقوال :

أحدها : أنهم يقرنون مع الشياطين ، قاله ابن عباس . والثاني : أن أيديهم وأرجلهم قرنت إلى رقابهم ، قاله ابن زيد . والثالث : يقرن بعضهم إلى بعض ، قاله ابن قتيبة .

وفي الأصفاد ثلاثة أقوال :

أحدها : أنها الأغلال ، قاله ابن عباس ، وابن زيد ، وأبو عبيدة ، وابن قتيبة ، والزجاج ، وابن الأنباري . والثاني : القيود والأغلال ، قاله قتادة . والثالث : القيود ، قاله أبو سليمان الدمشقي .

فأما السرابيل ، فقال أبو عبيدة : هي القمص ، واحدها سربال . وقال الزجاج : السربال : كل ما لبس . وفي القطران ثلاث لغات : فتح القاف وكسر الطاء ، وفتح القاف مع تسكين الطاء ، وكسر القاف مع تسكين الطاء .

وفي معناه قولان :

أحدهما : أنه النحاس المذاب ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس .

والثاني : أنه قطران الإبل ، قاله الحسن ، وهو شيء يتحلب من شجر تهنأ به الإبل . قال الزجاج : وإنما جعل لهم القطران ، لأنه يبالغ في اشتعال النار في الجلود ، ولو أراد الله تعالى المبالغة في إحراقهم بغير ذلك لقدر ، ولكنه حذرهم ما يعرفون حقيقته . وقرأ ابن عباس ، وأبو رزين ، وأبو مجلز ، وعكرمة ، وقتادة ، وابن أبي عبلة ، وأبو حاتم عن يعقوب : " من قطر " بكسر القاف وسكون الطاء والتنوين " آن " بقطع الهمزة وفتحها ومدها . والقطر : النحاس ، وآن قد انتهى حره .

[ ص: 378 ] قوله تعالى : " وتغشى وجوههم النار " أي : تعلوها . واللام في " ليجزي " متعلقة بقوله : " وبرزوا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية