صفحة جزء
ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم إلى قوله: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فكان إيمانهم ببعضه: فداءهم الأسارى ، وكفرهم: قتل بعضهم بعضا .

قوله تعالى: تظاهرون قرأ عاصم وحمزة والكسائي: (تظاهرون) وفي (التحريم) (تظاهرا) بتخفيف الظاء . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر بتشديد الظاء مع إثبات الألف . قال أبو علي: من قرأ (تظاهرون) بتشديد الظاء; أدغم التاء في الظاء ، لمقاربتها لها ، فخفف بالإدغام . ومن قرأ (تظاهرون) خفيفة; حذف التاء التي أدغمها أولئك من اللفظ ، فخفف بالحذف . والتاء التي أدغمها ابن كثير هي التي حذفها عاصم . وروي عن الحسن وأبي جعفر (تظهرون) بتشديد الظاء من غير ألف ، فالتظاهر: التعاون . قال ابن قتيبة: وأصله من الظهر ، فكأن التظاهر: أن يجعل كل واحد من الرجلين [أو من القوم ] الآخر ظهرا له يتقوى به ، ويستند إليه . قال مقاتل: والإثم: المعصية ، والعدوان: الظلم .

قوله تعالى: وإن يأتوكم أسارى تفادوهم أصل الأسر: الشد . قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وابن عامر (أسارى) وقرأ الأعمش وحمزة (أسرى) قال الفراء: أهل الحجاز يجمعون الأسير "أسارى" وأهل نجد أكثر كلامهم "أسرى" وهو أجود الوجهين في العربية ، لأنه بمنزلة قولهم: جريح وجرحى ، وصريع وصرعى . وروى الأصمعي عن أبي عمرو قال: الأسارى: ما شدوا ، والأسرى: في أيديهم ، إلا أنهم لم يشدوا . وقال الزجاج: "فعلى" جمع لكل ما أصيب به الناس في أبدانهم وعقولهم . يقال: هالك وهلكى ، ومريض ومرضى ، وأحمق [ ص: 112 ] وحمقى ، وسكران وسكرى ، فمن قرأ: (أسارى); فهي جمع الجمع . تقول: أسير وأسرى وأسارى جمع أسرى .

قوله تعالى: تفادوهم قرأ ابن كثير ، وأبو عمر ، وابن عامر: (تفدوهم) وقرأ نافع ، وعاصم ، والكسائي: (تفادوهم) بألف . والمفاداة: إعطاء شيء وأخذ شيء مكانه .

أفتؤمنون ببعض الكتاب وهو: فكاك الأسرى . وتكفرون ببعض وهو: الإخراج والقتل . وقال مجاهد: تفديه في يد غيرك ، وتقتله أنت بيدك . ؟!

وفي المراد بالخزي قولان . أحدهما: أنه الجزية ، قاله ابن عباس . والثاني: قتل قريظة ونفي النضير ، قاله مقاتل قوله تعالى: أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة قال ابن عباس: هم اليهود . وقال مقاتل: باعوا الآخرة بما يصيبونه من الدنيا .

التالي السابق


الخدمات العلمية