صفحة جزء
أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم

قوله تعالى : " أفأمن الذين مكروا السيئات " قال المفسرون : أراد مشركي مكة . ومكرهم السيئات : شركهم وتكذيبهم ، وسمي ذلك مكرا ، لأن المكر في اللغة : السعي بالفساد ، وهذا استفهام إنكار ، ومعناه : ينبغي أن لا يأمنوا العقوبة ، وكان مجاهد يقول : عنى بهذا الكلام نمرود بن كنعان .

قوله تعالى : " أو يأخذهم في تقلبهم " فيه أربعة أقوال :

أحدها : في أسفارهم ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال قتادة .

[ ص: 451 ] والثاني : في منامهم ، رواه الضحاك عن ابن عباس .

والثالث : في ليلهم ونهارهم ، قاله الضحاك ، وابن جريج ، ومقاتل .

والرابع : أنه جميع ما يتقلبون فيه ، قاله الزجاج .

قوله تعالى : " أو يأخذهم على تخوف " فيه قولان :

أحدهما : على تنقص ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك . قال ابن قتيبة : التخوف : التنقص ، ومثله التخون . يقال : تخوفته الدهور وتخونته : إذا نقصته وأخذت من ماله وجسمه . وقال الهيثم بن عدي : التخوف : التنقص ، بلغة أزد شنوءة .

ثم في هذا التنقص ثلاثة أقوال : أحدها : أنه تنقص من أعمالهم ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني : أخذ واحد بعد واحد ، روي عن ابن عباس أيضا . والثالث : تنقص أموالهم وثمارهم حتى يهلكهم ، قاله الزجاج .

والثاني : أنه التخوف نفسه ، ثم فيه قولان : أحدهما : يأخذهم على خوف أن يعاقب أو يتجاوز ، قاله قتادة . والثاني : أنه يأخذ قرية لتخاف القرية الأخرى ، قاله الضحاك . وقال الزجاج : يأخذهم بعد أن يخيفهم بأن يهلك قرية فتخاف التي تليها ، فعلى هذا ، خوفهم قبل هلاكهم ، فلم يتوبوا ، فاستحقوا العذاب .

قوله تعالى : " فإن ربكم لرءوف رحيم " إذ لم يعجل بالعقوبة ، وأمهل للتوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية