صفحة جزء
إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم . يوم تشهد عليهم [ ص: 25 ] ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين

قوله تعالى: إن الذين يرمون المحصنات يعني: العفائف الغافلات عن الفواحش، لعنوا في الدنيا أي: عذبوا بالجلد وفي الآخرة بالنار .

واختلف العلماء فيمن نزلت هذه الآية على أربعة أقوال .

أحدها: أنها نزلت في عائشة خاصة . قال خصيف: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية، فقلت: من قذف محصنة لعنه الله؟ قال: لا، إنما أنزلت هذه الآية في عائشة خاصة .

والثاني: أنها في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قاله الضحاك .

والثالث: أنها في المهاجرات . قال أبو حمزة الثمالي: بلغنا أن المرأة كانت إذا خرجت إلى المدينة مهاجرة، قذفها المشركون من أهل مكة، وقالوا إنما خرجت تفجر، فنزلت هذه الآية .

والرابع: أنها عامة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن، وبه قال قتادة، وابن زيد .

[ ص: 26 ] فإن قيل: لم اقتصر على ذكر المحصنات دون الرجال؟

فالجواب: [أن] من رمى مؤمنة فلا بد أن يرمي معها مؤمنا، فاستغني عن ذكر المؤمنين، ومثله: سرابيل تقيكم الحر [ النحل:81] أراد: والبرد، قاله الزجاج .

قوله تعالى: يوم تشهد عليهم ألسنتهم وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: " يشهد " بالياء; وهو إقرارها بما تكلموا به من الفرية . قال أبو سليمان الدمشقي: وهؤلاء غير الذين يختم على أفواههم . وقال ابن جرير: المعنى: أن ألسنة بعضهم تشهد على بعض .

قوله تعالى: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق أي: حسابهم العدل، وقيل: جزاءهم الواجب . وقرأ مجاهد، وأبو الجوزاء، وحميد بن قيس، والأعمش: " دينهم الحق " برفع القاف ويعلمون أن الله هو الحق المبين قال ابن عباس: وذلك أن عبد الله بن أبي كان يشك في الدين، فإذا كانت القيامة علم حيث لا ينفعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية