صفحة جزء
وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين . أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ولو نزلناه على بعض الأعجمين . فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين

قوله تعالى: وإنه يعني القرآن لتنزيل رب العالمين . نزل به [ ص: 144 ] الروح الأمين قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحفص عن عاصم : " نزل به " خفيفا " الروح الأمين " بالرفع . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : " نزل " مشددة الزاي " الروح الأمين " بالنصب . والمراد بالروح الأمين جبريل ، وهو أمين على وحي الله تعالى إلى أنبيائه ، على قلبك قال الزجاج : معناه : نزل عليك فوعاه قلبك ، فثبت ، فلا تنساه أبدا .

قوله تعالى: لتكون من المنذرين أي : ممن أنذر بآيات الله المكذبين ، بلسان عربي مبين قال ابن عباس : بلسان قريش ليفهموا ما فيه .

قوله تعالى: وإنه لفي زبر الأولين وقرأ الأعمش : " زبر " بتسكين الباء . وفي هاء الكناية قولان .

أحدهما : أنها ترجع إلى القرآن ; والمعنى : وإن ذكر القرآن وخبره ، هذا قول الأكثرين .

والثاني : أنها تعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله مقاتل . والزبر : الكتب .

قوله تعالى: أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : " أو لم يكن لهم " بالياء " آية " بالنصب . وقرأ ابن عامر ، وابن أبي عبلة : " تكن " بالتاء " آية " بالرفع . وقرأ أبو عمران الجوني ، وقتادة : " تكن " بالتاء " آية " بالنصب قال الزجاج: إذا قلت " يكن " بالياء ، فالاختيار نصب " آية " ويكون " أن " اسم كان ، ويكون " آية " خبر كان ، المعنى : أو لم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل أن النبي صلى الله عليه وسلم حق ، وأن نبوته حق؟! " آية " أي : علامة موضحة ، لأن العلماء الذين آمنوا من بني إسرائيل [ ص: 145 ] وجدوا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل . ومن قرأ " أو لم تكن " بالتاء " آية " جعل " آية " هي الاسم ، و " أن يعلمه " خبر " تكن " .

ويجوز أيضا " أو لم تكن " بالتاء " آية " بالنصب ، كقوله : ثم لم تكن فتنتهم [الأنعام : 23] وقرأ الشعبي ، والضحاك ، وعاصم الجحدري : " أن تعلمه " بالتاء .

قال ابن عباس : بعث أهل مكة إلى اليهود وهم بالمدينة يسألونهم عن محمد صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إن هذا لزمانه ، وإنا لنجد في التوراة صفته ، فكان ذلك آية لهم على صدقه .

قوله تعالى: على بعض الأعجمين قال الزجاج : هو جمع أعجم ، والأنثى عجماء ، والأعجم : الذي لا يفصح ، وكذلك الأعجمي ; فأما العجمي : فالذي من جنس العجم ، أفصح أو لم يفصح .

قوله تعالى: ما كانوا به مؤمنين أي : لو قرأه عليهم أعجمي لقالوا : نفقه هذا ، فلم يؤمنوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية