صفحة جزء
قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون . أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون أمن جعل الأرض [ ص: 184 ] قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون

قوله تعالى: قل الحمد لله هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمر أن يحمد الله على هلاك الأمم الكافرة ، وقيل : على جميع نعمه ، وسلام على عباده ، الذين اصطفى فيهم أربعة أقوال .

أحدها : الرسل ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وروى عنه عكرمة ، قال : اصطفى إبراهيم بالخلة ، وموسى بالكلام ، ومحمدا بالرؤية .

[ ص: 185 ] والثاني : أنهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، رواه أبو مالك عن ابن عباس . وبه قال السدي .

والثالث : أنهم الذين وحدوه وآمنوا به ، رواه عطاء عن ابن عباس .

والرابع : أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن السائب .

قوله تعالى: آلله خير أما يشركون قال أبو عبيدة : مجازه : أو ما يشركون ، وهذا خطاب للمشركين ; والمعنى : الله خير لمن عبده ، أم الأصنام لعابديها؟! ومعنى الكلام : أنه لما قص عليهم قصص الأمم الخالية ، أخبرهم أنه نجى عابديه ، ولم تغن الأصنام عنهم .

قوله تعالى: أمن خلق السماوات تقديره : أما يشركون خير ، أمن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ؟! فأما الحدائق ، فقال ابن قتيبة : هي البساتين ، واحدها : حديقة ، سميت بذلك لأنه يحدق عليها ، أي : يحظر ، والبهجة : الحسن .

قوله تعالى: ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أي : ما ينبغي لكم ذلك [لأنكم] لا تقدرون عليه . ثم قال مستفهما منكرا عليهم : أإله مع الله؟! أي : ليس معه [ ص: 186 ] إله بل هم يعني : كفار مكة قوم يعدلون وقد شرحناه في فاتحة (الأنعام) . أمن جعل الأرض قرارا أي : مستقرا لا تميد بأهلها وجعل خلالها أي : فيما بينها أنهارا وجعل لها رواسي أي : جبالا ثوابت وجعل بين البحرين حاجزا أي : مانعا من قدرته بين العذب والملح أن يختلطا ، بل أكثرهم لا يعلمون قدر عظمة الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية