صفحة جزء
فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون . أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون . ألا إنهم من إفكهم ليقولون . ولد الله وإنهم لكاذبون . أصطفى البنات على البنين . ما لكم كيف تحكمون . أفلا تذكرون . أم لكم سلطان مبين . فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين . وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون . سبحان الله عما يصفون . إلا عباد الله المخلصين . فإنكم وما تعبدون . ما أنتم عليه بفاتنين . إلا من هو صال الجحيم .

قوله تعالى: فاستفتهم أي سل أهل مكة سؤال توبيخ وتقرير، لأنهم زعموا أن الملائكة بنات الله وهم شاهدون أي: حاضرون . ألا إنهم من إفكهم أي: كذبهم ليقولون ولد الله حين زعموا أن الملائكة بناته .

[ ص: 91 ] قوله تعالى: أصطفى البنات قال الفراء: هذا استفهام فيه توبيخ لهم، وقد تطرح ألف الاستفهام من التوبيخ، ومثله: أذهبتم طيباتكم [الأحقاف: 20]، و "أذهبتم" يستفهم بها ولا يستفهم ، ومعناهما واحد . وقرأ أبو هريرة، وابن المسيب، والزهري، وابن جماز عن نافع، وأبو جعفر، وشيبة: "وإنهم لكاذبون اصطفى" بالوصل غير مهموز ولا ممدود; قال أبو علي: وهو على [وجه] الخبر، كأنه قال: اصطفى البنات على البنين كما يقولون، كقوله: ذق إنك أنت العزيز الكريم [الدخان: 49] .

قوله تعالى: ما لكم كيف تحكمون لله بالبنات ولأنفسكم بالبنين؟! أم لكم سلطان مبين أي: حجة [بينة] على ما تقولون، فأتوا بكتابكم الذي فيه حجتكم .

وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم قالوا: هو وإبليس أخوان، رواه العوفي عن ابن عباس; قال الماوردي: وهو قول الزنادقة والذين يقولون: الخير من الله، والشر من إبليس .

والثاني: أن كفار قريش قالوا: الملائكة بنات الله، والجنة صنف من الملائكة يقال لهم: الجنة، قاله مجاهد .

والثالث: أن اليهود قالت: إن الله تعالى تزوج إلى الجن فخرجت من بينهم الملائكة، قاله قتادة، وابن السائب .

فخرج في معنى الجنة قولان . أحدهما: أنهم الملائكة . والثاني: الجن .

فعلى الأول، يكون معنى قوله: ولقد علمت الجنة أي: علمت الملائكة إنهم أي: إن هؤلاء المشركين لمحضرون النار .

[ ص: 92 ] وعلى الثاني، ["ولقد علمت الجنة] إنهم" أي: إن الجن أنفسها "لمحضرون" الحساب .

قوله تعالى: إلا عباد الله المخلصين يعني الموحدين . وفيما استثنوا منه قولان .

أحدهما: أنهم استثنوا من حضور النار، قاله مقاتل . والثاني: مما يصف أولئك، وهو معنى قول ابن السائب .

قوله تعالى: فإنكم يعني المشركين وما تعبدون من دون الله، ما أنتم عليه أي: على ما تعبدون بفاتنين أي: بمضلين أحدا، إلا من هو صال الجحيم أي: من سبق له في علم الله أنه يدخل النار .

التالي السابق


الخدمات العلمية